تشير الإحصائيات إلى وجود ما يزيد على 477 مصاباً بهذا المرض يعانون بالإجمال من قلة الدعم الصحي والاجتماعي، علماً أنّ مئتين وخمسة مصابين فقط يستفيدون من الرعاية المؤسساتية، الأمر الذي استوجب تكافل جميع الهيئات المعنية لتوفير الرعاية الطارئة من خلال توعية مكثفة للإنقاذ هؤلاء الاطفال من وضعهم الدقيق للغاية. يعرّف الخبراء التوحد بالاضطراب في النمو الذي يعيق الطفل عن التعبير والتواصل الاجتماعي مع محيطه، وتظهر عوارضه في السنوات الأولى. لكنّ أسبابه غير معروفة حتى الآن، وإن كانت الأبحاث تشير إلى أنّ للعوامل الجينية أهمية كبيرة، فيما تلفت دراسات أخرى إلى عوامل تعود إلى خلل في الدماغ. ويرى الخبراء أنّ الاكتشاف المبكر لحالة التوحد مهم في التربية، كما أنّ التدخل المبكر يؤدي حتماً إلى نتائج أفضل، وخصوصاً أنّ الطفل الذي يعاني من التوحّد يحتاج إلى برامج تربوية فردية متخصصة، كلّ حسب حاجاته وقدراته. في هذا السياق، تلفت الاخصائية بعلم النفس الدكتورة نازك الخوري إلى عدم وجود إحصاءات دقيقة حول نسبة الاصابة بمرض التوحّد، الذي تعرّفه بأنه مرض نفسي وعقلي في آن واحداً. وإذ تلاحظ الدكتورة الخوري أنّ شفاء مريض التوحّد أمر نادر، تشير إلى أنّ هذا المرض يبدأ عملياً في عمر السنة ولكنه يظهر بقوة بعمر الثلاث سنوات، وتكمن أكثر عوارضه في كثرة الحراك والاشارات ليشير الى شيء ما يريده، "فتجده احياناً لا يتجاوب مع محيطه وإذا حاولت الام غمره يتراجع الى الوراء دون اي تجاوب واي اتصال معها، فضلاً عن ان لديه حركات عنيفة و احيانا هادئة". في المقابل، تشير الدكتورة الخوري إلى أنّ مريض التوحّد هو بصورة عامة شديد الذكاء إضافة إلى كونه حساساً، علماً أنه في بعض الأحيان لا يشعر بمن حوله وتكون إشاراته مبهمة. وتأسف الدكتورة الخوري لعدم وجود أدوية محدّدة للتوحّد، موضحة أنّ العلاج ينحصر باعتماد بعض البرامج التي تساعد على التخفيف من عوارض هذا المرض من خلال التواصل مع المريض باستمرار وتجنّب التوتر والعدائية في التعاطي معه. تسعى وزارة الشؤون الاجتماعية على تحسين المستوى المعيشي والتعليمي للأشخاص المصابين بالتوّحد وعائلاتهم، وعلى توفير الدعم المادي للمؤسسات والجمعيات المعنيّة بحالات التوحّد، كما أن الأمور تجري وفقا للأصول الإداريّة لإضافة عقود تأمين الرعاية المتخصصة للأطفال المتوحدين في مطلع العام 2012. حيث تمّ رصد أربعمائة وسبعة وسبعين حالة توحّد، لم يستفد منها من الرعاية المؤسساتيّة سوى مئتين وخمسة أشخاص، ما يستوجب تكافل جميع الهيئات المعنية والجمعيات والأهل والوزارة لتوفير الرعاية المتخصّصة لجميع حالات التوحّد في لبنان. مع التشديد على أهميّة دعم الدمج المدرسي لهؤلاء الأفراد عبر التنسيق مع وزارة التربية وتشجيع المدارس على اتخّاذ خطوات عمليّة في مسألة الدمج المدرسي، ونشر الوعي في سبل التشخيص والكشف المبكر والتدخّل السريع، خصوصاً في المناطق البعيدة النائية