تشهد أسواق الضفة الغربية المحتلة موجة من الأغذية الفاسدة، فيما يخشى المستهلك الفلسطيني من أن تصبح هذه الموجة " ظاهرة" تهدد حياته وأطفاله، وسط اتهامات لكبار التجار والموردين بالمتاجرة بحياة المواطنين، لملئ جيوبهم، في وقت بات يصف البعض المشهد الاستهلاكي بـ " الخطير والغير قابل للتغيير" في ضوء هذا الفساد الكبير. ويقع محدودي الدخل ضحية العروض والتخفيضات المستمرة على المواد الغذائية التي تباع في الشوارع وبطرق عرض سيئة تحت أشعة الشمس، والرطوبة. وقامت "العرب اليوم" بسؤال الشارع الفلسطيني عن هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد كيانه في كل مرة ينزل فيها المواطن إلى الأسواق للتسوق والشراء. وأرجع مسؤول طواقم الرقابة والتفتيش بوزارة الاقتصاد الفلسطينية برام الله إبراهيم عبسي السبب في دخول هذه البضائع إلى ألأسواق بكثافة عن طريق المعابر إلى ضعف السيادة الفلسطينية، معتبرا أن هذه هي المشكلة الأساسية في دخول السلع إلى مناطق السلطة الفلسطينية، فمصدر البضائع الفاسدة إما مستوردة من بلدان أخرى أو من الأسواق الإسرائيلية ومستوطناتها. وأكد مدير عام دائرة الجمارك حاتم يوسف لـ " العرب اليوم" أن دائرة الجمارك سعت لإقناع الناس أن الجمارك صديقة للمستهلك ودورها الحفاظ على صحتهم من خلال مكافحة دخول المواد الفاسدة، والحفاظ على منتجاتنا المحلية من المنافسة مع الدول الأخرى، ودعم بيئة استثمارية صحيحة. وردا على سؤال بشأن سبب هذه الظاهرة "المأساوية" أكد مأمون شحادة " أن هذا السؤال يجب أن يوجه إلى قسم الرقابة بوزارة الاقتصاد، لأن ذلك سيضع النقاط على الحروف فالوزارة لها محددات زمنية ومكانية، ولكن للأسف لا نرى من تلك المحددات إلا خطابات مكانية تنتهي بتراكم الزمان، وأن بقيت وزارة الاقتصاد على هذا النهج، فان السوق سيكون مرتعاً لتلك السلع الفاسدة". وفي غضون ذلك يطالب المواطنون والمواطنات الجهات المختصة بضرورة الإعلان عن أسماء التجار المهربين وذلك لتعريتهم وكشفهم أمام الرأي العام لكن القضاء الفلسطيني لا يجيز . وفيما يتعلق بالعقوبة الواقعة على التاجر "الفاسد" بحسب قانون حماية المستهلك الفلسطيني فإن كل من عرض أو باع منتجاً مخالفاً للتعليمات الفنية الإلزامية، يعاقب بالسجن استنادا لطبيعة المخالفة حيث بعض العقوبات تتراوح بين ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة دينار أردني. وفي حالات أخرى تصل العقوبة إلى السجن مدة 10 سنوات لكل من عرض أو باع سلع تموينية فاسدة أو تالفة، أو تلاعب بتاريخ صلاحيتها، الحكم الذي يعد مخففاً قياساً ببيع أدوية فاسدة مثلا. وطالب رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية الجهات الرقابية المختصة بالتعامل مع هذه القضايا على أنها جناية، وليس كما ينص قانون الصحة العامة بأنها جنحة، ويجب أن يتم العمل بمقتضى بند العقوبات في قانون حماية المستهلك رقم 21 لعام 2005. وكشف هنية أن هناك قضايا منظورة منذ العام 2006، وما زال مفتش التموين أو الصحة أو كلاهما يذهبان للإدلاء بشهادتها في المحاكم للتأكد من دقة عملية الضبط، ما يؤدي إلى ازدحام قضائي في هذه القضايا، الأمر الذي لا يشكل رادعاً لضعاف النفوس من تجار الأغذية الفاسدة. كام كشفت طواقم حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني في محافظة نابلس شمالي الضفة الغربية وبالتعاون مع الضابطة الجمركية، عن قيام أحد الشركات في قرية سبسطية قضاء نابلس بالاتجار بسلع فاسدة ومنتهية الصلاحية، وإعادة تغليف سلع تالفة ومنتهية الصلاحية تقدر الكمية بـ 16 طناً بغرض ترويجها وإيهام المستهلك بان السلعة صالحة للاستهلاك. وأوضح تقرير العمل بأن فريق مشترك من طواقم حماية المستهلك والضابطة الجمركية قاما بزيارة مفاجئة إلى مخازن الشركة وتبين أن الرصد حقيقي ولدى الشركة كميات من السلع المنتهية ومعدات وأدوات التزوير وتم ضبطها في محاضر ضبط رسمية. وأشار التقرير إلى أن السلع والأدوات المضبوطة عبارة عن فستق ماليزي بطعم الذرة، وعصير، ومعلبات هارفتس، وعصير جوافة، ومخللات مشكلة، وشوكولاتة دهن، وخميرة، وميونيز، وماكينات لتعبئة البقوليات والسكر، وكراتين للتعبئة. ولفت التقرير إلى أن المنتجات المضبوطة غير صالحة للاستهلاك الآدمي وعليه فالشركة مخالفة لقانون حماية المستهلك رقم 21 لسنة 2005 وذلك استناداً إلى المادة 8 والتي تنص على أنه يحظر الاحتفاظ في مواقع الإنتاج والصنع والتخزين والعرض والبيع وكذلك في وسائل نقل البضائع والمرابض والمسالخ بالمنتجات أو الأدوات أو الآلات التي تمكن من غش السلع بما فيها السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المنتهية الصلاحية. ووفقا للتقرير فقد تم إحالة ملف الشركة إلى نيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية لاتخاذ الإجراء القانوني بحقها