كابل ـ أعظم خان
أكد مسؤولان حكوميان إن أكثر من 50 شخصاً قتلوا في تفجير انتحاري استهدف لقاءً لكبار العلماء في كابل أمس، وفق مسؤولين، في إحدى أفدح الهجمات التي تستهدف العاصمة الأفغانية منذ أشهر. وأصيب 60 شخصاً آخرون بجروح في التفجير، وفق المتحدث باسم وزارة الصحة وحيد مجروح.
واستهدف التفجير لقاءً لمجلس العلماء بمناسبة عيد المولد النبوي. وقال نجيب دانيش المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن مئات من رجال وعلماء الدين كانوا محتشدين للاحتفال بهذه المناسبة في قاعة زفاف كبيرة بالعاصمة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم على الفور، لكن حركة طالبان المتشددة اعتادت شن اعتداءات مماثلة في البلاد.
وأشار مجروح إلى أنّ 24 منهم في حالة حرجة. وتُظهر صورة متداولة على تطبيق «واتساب» يُزعم أنها لموقع الاعتداء، دماءً متناثرة على الجثث التي تمزقت ملابس الكثير من أصحابها بفعل الانفجار، وكراساً منقلبة وزجاجاً تناثر على أرضية القاعة. وذكر بصير مجاهد المتحدث باسم شرطة كابل، أن «انتحارياً فجّر نفسه داخل قاعة خلال احتفال لعلماء دين»، مؤكداً عدد القتلى والجرحى. وذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية نجيب دانيش، أن عدد القتلى والجرحى «يزيد على 50 شخصاً» حتى الآن. وذكرت منظمة «الطوارئ» غير الحكومية الإيطالية أنّ 12 جريحاً نُقلوا لمرافقها كلهم «في حالة حرجة».
ويأتي الهجوم عقب موجة من العنف في أنحاء أفغانستان في الأسابيع الأخيرة أدت إلى مقتل المئات مع تصعيد المتمردين هجماتهم وسط جهود دبلوماسية لإنهاء النزاع المستمر منذ 17 عاماً. وأصيب 83 شخصاً آخرون بجروح، وفق المتحدث باسم وزارة الصحة وحيد مجروح، في التفجير الذي استهدف لقاء رجال دين بينهم أعضاء من مجلس العلماء بمناسبة ذكرى المولد النبوي في قاعة أفراح.ص
وصرح مدير «قصر أورانوس للأفراح»، حيث أُقيم لقاء العلماء، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن انتحارياً فجّر نفسه وسط التجمع. وقال، دون الكشف عن هويته: «وقع عدد كبير من الضحايا، وقد أحصيت بنفسي 30 ضحية». ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها فوراً عن الهجوم، إلا أن تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن معظم الهجمات الإرهابية التي شهدتها كابل مؤخراً وجعلت العاصمة أكثر المناطق دموية في البلاد بالنسبة إلى المدنيين. وهذه أكثر الهجمات دموية في العاصمة الأفغانية منذ الهجوم المزدوج على نادٍ للمصارعة في سبتمبر (أيلول)، أدى إلى مقتل 26 شخصاً على الأقل. وفي سبتمبر الماضي، فجّر انتحاري نفسه وسط احتجاج على تعيين مسؤول أمني محلي في إقليم نانغرهار في شرق أفغانستان، ما أسفر عن مقتل 68 شخصاً وإصابة 165 آخرين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، فجّرت حركة طالبان سيارة إسعاف مليئة بالمتفجرات في شارع مزدحم في قلب كابل، في اعتداء دامٍ راح ضحيته أكثر من 100 شخص معظمهم من المدنيين. وأسفرت الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي عن موجة من الهجمات الدامية في أنحاء البلاد، ما أدى إلى مقتل وجرح المئات.
ولا تزال حركة طالبان تسيطر على مناطق مهمة بالبلاد، وسط عجز من الحكومة المحلية المدعومة دولياً عن فرض النظام. وسبق لأفغانستان أن سجلت هجمات إرهابية عدة مماثلة ضد أقليات دينية وطائفية في البلاد، ولم تنجح المبادرات لوقف إطلاق النار في إحداث سلام طويل الأمد بالبلاد.
وفي خطوة تشير إلى حسن نيات طالبان في ظل الوضع الحالي والبحث عن فرص للسلام في أفغانستان، أعلنت الحركة إفراجها عن 35 من أفراد الشرطة والقوات الأفغانية، كانت أَسَرتهم في معاركها مع القوات الحكومية الأفغانية. فقد أعلنت طالبان في بيان لها عبر موقعها على الإنترنت الإفراج عن الأسرى بناء على قرار من زعيم الحركة مولوي هبة الله أخوندزادة، وتزامن الإفراج عنهم مع ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث تم الإفراج في ولاية فراه غرب أفغانستان.
وحسب بيان الحركة، فإن الأسرى المحررين نقلوا إلى عائلاتهم ومنازلهم في مختلفة الولايات. واتهمت حركة طالبان قوات حلف شمال الأطلسي بقصف مساكن مدنيين في منطقة كالا غاز بمديرية جريشك في ولاية هلمند الجنوبية، ما أدى إلى مقتل 8 من عائلة واحدة بينهم نساء وأطفال؛ حسب بيان طالبان. كما أعلنت حركة طالبان عن مقتل وجرح 9 من الشرطة بعد السيطرة على مركزهم في مديرية ناوا بولاية هلمند. وأشار البيان الصادر عن طالبان إلى سيطرة قوات الحركة على مركز أمني آخر في مندقة أول شيشاك على أطراف مدينة لشكرجاه مركز ولاية هلمند. وكانت قوات طالبان خاضت معارك مع القوات الحكومية الأفغانية في ولاية لوغر جنوب العاصمة كابل حيث زرعت قوات طالبان ألغاما أرضية لاستهداف القوات الحكومية في منطقة باركي باراك، مما أدى إلى مقتل 3 من عناصر القوات الحكومية الأفغانية.
من جانبها، نقلت وكالة «خاما برس» الأفغانية عن الجيش في كابل قوله إن القوات المناوئة للحكومة الأفغانية، ويقصد بها قوات طالبان، تلقت ضربات قوية من القوات الأفغانية في ولاية بلخ الشمالية. وأشار بيان صادر عن «فيلق شاهين» التابع لوزارة الدفاع الأفغانية إلى أن قواته قامت بعدد من العمليات في منطقة تشار بولاك في ولاية بلخ الشمالية، وأن 14 من مقاتلي المعارضة قتلوا وأصيب نحو 20 آخرين في العمليات نفسها، كما تم أسر 3 من مقاتلي المعارضة حسب البيان نفسه. وفي بيان آخر صادر عن «فيلق الفيضان (سيلاب)» في الشرق الأفغاني، أفاد الجيش الأفغاني بأن أكثر من 51 من أفراد تنظيم داعش قتلوا في منطقة حسكة مينا في ولاية ننغرهار شرق أفغانستان. وأضاف البيان أن القوات الخاصة الأفغانية قامت بعمليات في قرية أوغاز بمديرية حسكة مينا ودمرت في هذه العمليات عددا من المخابئ والمراكز التي كان يأوي إليها أفراد تنظيم داعش.
وغالبا ما تعلن الحكومة الأفغانية عن مواجهات مع «داعش» في ولاية ننغرهار شرق أفغانستان المحاذية للحدود مع باكستان، لكن لم يصدر عن تنظيم داعش أي ذكر لهذه الاشتباكات أو تعليق على عدد القتلى الذين قالت عنهم الحكومة الأفغانية.
سياسيا؛ التقى الرئيس الأفغاني أشرف غني وفداً من مجلس النواب الأميركي، حيث تمت مناقشة استراتيجية الإدارة الأميركية في أفغانستان، وعملية السلام، والإصلاحات التي يمكن أن تقوم بها الحكومة الأفغانية لإيجاد جو مناسب لعملية مصالحة مع طالبان، إضافة إلى الوضع الإقليمي، والدعم المالي الأميركي للحكومة الأفغانية. وجاءت زيارة وفد مجلس النواب الأميركي إلى كابل بعد يوم واحد من إطلاع المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد؛ الرئيسَ الأفغاني أشرف غني على مجريات محادثاته مع مسؤولي الدول التي زارها، وما تم بحثه مع وفد من المكتب السياسي لحركة طالبان حول عملية السلام في أفغانستان وجهود المبعوث الأميركي من أجل إقناع طالبان بالموافقة على المصالحة مع الحكومة الأفغانية. وكانت طالبان نفت في بيان رسمي لها أن تكون بحثت مع المبعوث الأميركي مسألة تأجيل انتخابات الرئاسة الأفغانية المقررة يوم 20 أبريل (نيسان) المقبل، أو تشكيل حكومة انتقالية أفغانية تشارك فيها طالبان.