بيروت - لبنان اليوم
لطالما كانت "القوات اللبنانيّة" في صدارةِ مشاهدِ تشكيل الحكومات وما زالت، تارةً لجهةِ حجمِ تمثيلها في الحكومة، وطورًا لجهةِ عدم رغبتها في المشاركة.
في السّابعِ عشر من تشرين الأوّل، وجدَت "القوات" نفسها مضطرة للتوجّهِ، مع الناسِ، إلى الشارعِ. هي التي حاولت دخول التسوية الرئاسيّة عكس رغبةِ مناصريها، إذ نجَحَت في بادئ الأمر، ومن ثم أُخرِجَت منها كما دخلتها، خالية الوفاضِ.
مصالحة الناس، بالنسبة إلى قيادة "القوات"، كانت بالمسارعةِ إلى الإستقالة من حكومة التسوية فور انطلاق الإنتفاضةِ. يرى البعض، أنّها كانت خطوة ذكيّة في سبيلِ رفعِ الشعبيّةِ، ولاسيّما أنّ أيّ قارئ عاديٍّ كان ليُدرك أنّ سعد الحريري سيقدّم استقالته. وفقًا لذلك، السؤال الذي يطرح وسط هذه التطوّرات، "أين هو حزب القوات اللبنانية اليوم؟".
من بعيدٍ، تُتَابع قيادة "القوات" ما يحصل. تنأى بنفسها عن مفاوضاتِ التكليفِ والتأليفِ. ترى، أنّها غير معنيّةٍ بما يحصل ومطلبها هو مطلبُ الشارعِ، أي "حكومة تكنوقراط".
لدى "القوات" اليوم الكثير من الهواجسِ، بحسب ما يقولون. الآلاف من اللبنانيين دخلوا البطالة حديثًا. البلادُ على مشارفِ الإنهيار. من هنا، يؤكِّد مصدرٌ قواتيٌّ، عدم رغبةِ حزبهِ في المشاركة بالحكومة.
وإذ يجزم، أنّ "هذا القرار هو نهائيٌّ، ولم يُتَّخَذ من قبيل المراوغةِ"، يُشدِّد، على أنّ "الميثاقيّة لن تُضرَب في حال لم يُشارك التيّار الوطني الحر، على اعتبار، أنّ المطلبَ الأساسيّ يتمثّل في عدم مشاركةِ الأحزاب في الحكومة".
ويرى، أنّ ما نمرّ به اليوم، يتطلّب، انقاذ لبنان عبر الفكير من خارج العلبة، أي "Out Of The Box"، فرغم أنّ على الحكومة أن تراعي التوزان الطائفي الاسلامي - المسيحي، بيد أنّ المرحلة تتطلّب معالجة استثنائيّة للأزمة.
ويُكرِّر المصدر تأكيد "القوات"، بنسفِ فكرة الحكومة التكنوسياسيّة بشكلٍ نهائيٍّ، حيث أنّ هذا النوع من الحكومات هو بمثابة نسخةٍ منقَّحةٍ عن الحكومة السياسيّة، ما يعني أننا لن نقدِّم أيّ تغيير يُذكَر في الواقع الحالي.
وعن علاقة "القوات" مع الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحزب الكتائب، يكشف المصدر، أنّها "عادية وغبّ الطلبِ"، إذ أنّ التواصل والتنسيق يحصلان بحسب الحاجةِ في عددٍ من الملفات والقضايا.
"القوات" اليوم إلى مزيدٍ من الضغطِ والمواجهةِ. يُعيد المصدر القيادي التذكير، أنّه "لو أصغَت هذه الحكومة إلى استشرافِ وتحذير القوات اللبنانية عمّا سيصل إليه حال البلد لكان يمكن تفاديه واستدراكه".
ويذكِّر، أنّ "القوات بثلاثةِ محطّاتٍ أساسيّةٍ، نبَّهَت من الوصول الى الأزمةِ الإقتصادية الحاليّة. فتم رفض دعوتها لانعقادِ حكومة تصريف الأعمال بعد انتخابات 2018، لتُتَهم أنّها تريد تعطيل ولادة حكومةٍ جديدةٍ. كما تمّ رفض وجهة نظر القوات بتضمين موازنة 2019 الإصلاحات المطلوبة. كذلك، تمّ رفض ما طرحه رئيس الحزب سمير جعجع في الثاني من أيلول 2018 بتشكيل حكومة اختصاصيين.
على هذا الصعيدِ، يستمر نواب تكتل "الجمهورية القوية"، بمراكمةِ ملفاتهم. فيما يُلاحظ، أنّ توجّههم في الفترة الماضية، كان تجاه ملفات يحملها وزراء التيّار الوطني الحر، من البيئة إلى الكهرباء.
وفي هذا الإطار، تبرز أسئلة النائب انطوان حبشي في كتابه إلى ادارة كهرباء قاديشا، إذ سأل عن الميزانيّةِ انطلاقًا من قانون حق الوصول إلى المعلومات. هنا أيضًا، يبرز جليًا سعي "القوات" لارضاء ناسها والعودة إلى القواعد.
يشعرُ كلّ من يستمع إلى حديثِ القيادة القواتية، أنّها كانت لتستدرك الأزمة الحاليّة كلّها لو كانت هي وحدها صاحبة القرار في الحكومة. بينما يشير الواقع، إلى أنّ البقاء اليوم خارج الحكومة وضمن صفوف المعارضة هو الخطوة الرابحة شعبيًا وجماهريًا.
فهل سيبقى الموقف القواتي هو نفسه في حال تسمية الحريري وشروعه في تأليف حكومةٍ تضمّ سياسيين؟