رئيس الحكومة حسان دياب

تناولت وسائل إعلامية الاوضاع السياسية في لبنان وتحديداً جلسة الثقة يوم الثلاثاء في مقال جاء فيه: "فرضت عطلة نهاية الأسبوع، الممدة يوما إضافياً لمصادفتها مع عيد القديس مارون، شفيع الطائفة المارونية، والتي تزامنت مع عاصفة ثلجية ضربت لبنان خلال اليومين الماضيين، نفسها على إيقاع الحركة السياسية وتحركات الشارع في لبنان، وذلك عشية انعقاد الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب، يوم غد.

وإذا كانت عاصفة الطقس، الذي تدنت معه مستويات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجبال والمناطق الداخلية قد شلت الحياة نسبياً في لبنان، فإنّ البلاد تترقب عاصفة ساخنة سياسياً، ينتظرها مجلس النواب نفسه، الذي سيشهد منازلات كلامية حامية على مدى يومين قبل منح الثقة للحكومة الجديدة، وشوارع العاصمة، حيث يستعد الحراك الشعبي لاحتجاجات يتوقع أن تكون حاشدة تحت شعار "لا ثقة".

وابتداءاً من ظهر يوم غد، يشهد البرلمان جلسات مناقشة البيان الوزاري، تمهيداً لمنح الثقة للحكومة التي شكلها حسان دياب، في ظل حالة استقطاب حادة، يبدو أنها ستفرض إيقاعها على الحياة السياسية في بلد محاصر بالتحديات الداخلية والخارجية.

وعشية الجلسة البرلمانية، ارتسمت خريطة التصويت لصالح منح الثقة للحكومة الجديدة من عدمه، بين القوى السياسية التي، وبخلاف الحكومتين السابقتين، تخلت عن الشراكة الحكومية، التي ضمنت حتى الأمس القريب، التمثيل الحكومي لكافة الكتل البرلمانية، لصالح حكومة أكثرية، تحظى بغطاء الثنائي الشيعي– "حزب الله" و"حركة أمل" – وحليفه المسيحي "التيار الوطني الحر" الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون.

ومن المرجح أن تنال الحكومة الجديدة ثقة ضعيفة مقارنة بالحكومتين السابقتين اللتين ترأسهما سعد الحريري، الذي انتقل بعد استقالته على أثر موجة احتجاجات شعبية انطلقت في 17 تشرين الأول الماضي، إلى مقاعد المعارضة.

وستحظى الحكومة الجديدة بثقة "تكتل لبنان القوي" (27 نائباً) وهو تحالف يضم "التيار الوطني الحر" (19 نائباً) و"كتلة ضمانة الجبل (4 نواب) وكتلة نواب الأرمن (3 نواب)، والنائب المستقل ميشال معوض. وباستثناء معوّض فإنّ كل نواب "تكتل لبنان القوي" سيحضرون الجلسة ويمنحون ثقتهم للحكومة.

وأما النائبان نعمة افرام وشامل روكز، اللذان انسحبا من الكتلة الموالية لرئيس الجمهورية، غداة تفجر الاحتجاجات الشعبية، فيرجح عدم حضورهما الجلسة البرلمانية، وإن حضرا فمن المؤكد أنهما لن يمنحا الثقة للحكومة الجديدة.

كذلك ستحصل حكومة حسان دياب على الثقة من جانب "كتلة التنمية والتحرير" الذراع البرلماني لحركة "أمل" بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري (17 نائباً) و"كتلة الوفاء للمقاومة" الجناح البرلماني لـ"حزب الله" (13 نائباً)، و"كتلة المردة" المسيحية (3 نواب)، وعدد من النواب المستقلين.

أما الكتل التي ستحضر الجلسة البرلمانية ولن تمنح الحكومة الثقة فهي "كتلة المستقبل" بزعامة سعد الحريري (19 نائباً) وكتلة "الجمهورية القوية" الجناح البرلماني لـ"حزب القوات اللبنانية" (15 نائباً) و"كتلة اللقاء الديموقراطي" الجناح البرلماني للحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط (9 نواب) وكتلة الوسط المستقل برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي (4 نواب – باستثناء رئيسها الذي يتوقع عدم حضوره الجلسة).

أما كتلة "حزب الكتائب اللبنانية" (3 نواب) فقررت مقاطعة جلسة مجلس النواب، بحسب ما أعلن رئيسها سامي الجميل، وبالتالي فإنها ستحرم الحكومة من الثقة، في حين يفترض أن تتخذ كتلة "الحزب السوري القومي الاجتماعي" موقفها اليوم، وسط توجه بحضور الجلسة من دون إعطاء الثقة.

أما بقية النواب المستقلين فتوزعت مواقفهم بين المقاطعة والمشاركة، وبعضهم من اختار منح الثقة وبعضهم الآخر حجبها، في حين بقيت أقلية لم تفصح عن موقفها سواء لجهة المشاركة في الجلسة أو في مسألة منح الثقة من عدمه.

وفي العموم، يرجح حضور 116 نائباً من أصل 128 جلسة البرلمان، سيصوّت منهم 63 نائباً لصالح منح الثقة لحكومة حسان دياب. وبحسب الدستور اللبناني فإنّ جلسات الثقة يمكن أن تعقد في حال حضور غالبية النصف زائد واحد (65 نائباً)، فيما يجري التصويت بغالبية عدد الحاضرين.

وخارج مقر مجلس النواب، يبدو أن معركة من نوع آخر يستعد لها "الحراك المدني"، الذي تراهن مجموعاته على حشد شعبي لمحاولة تعطيل الجلسة البرلمانية تحت شعار "لا ثقة". وكما حصل سابقاً، سيحاول المحتجون فرض حصار شعبي حول مجلس النواب، لمنع النواب من سلوك طريقهم إليه.

وكان المحتجون نجحوا في تشرين الثاني الماضي في تعطيل جلسة تشريعية كان قد دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث منعوا النواب من الوصول إلى مقر البرلمان. لكنّ الوضع كان مختلفاً قبل أسبوعين، حين تمكنت القوى الأمنية من إحباط خطتهم لتعطيل جلسة إقرار الموازنة العامة.

وفي مؤشر على أن الأجهزة الأمنية ماضية قدماً في تأمين جلسة الثقة، دعا رئيس الجمهورية ميشال عون، يوم الجمعة الماضي، المجلس الأعلى للدفاع إلى الانعقاد، حيث صدر عنه بيان أكد "تكثيف الجهود التنسيقية بين مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية لتعميم الاستقرار في البلاد من جهة واستباق الأحداث التخريبية لتفادي أي تطورات" طالباً من "الأجهزة الأمنية والقضائية التعاون في ما بينها لاتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين، تطبيقا للقوانين والأنظمة المرعية الاجراء".

ونقل البيان عن عون تشديده على "أهمية ضبط الوضع الأمني للمحافظة على الاستقرار والسلم الأهلي من جهة وعدم التهاون مع أي محاولة للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ومقراتها الرسمية".

ومنذ يوم أمس، شرعت القوى الأمنية في تعزيز إجراءاتها حول مقر البرلمان، حيث استقدمت عدداً من الكتل الأسمنتية لنصبها في دائرة أمنية في محيط البرلمان، الذي بات محيطه، منذ الاحتجاجات الأخيرة أشبه بمنطقة عسكرية محاطة بجدران وبوابات حديدية وأسلاك شائكة".

قد يهمك ايضا:حسان دياب يُؤكِّد أنّ لبنان يمرّ بمرحلة استثنائية تحمل كثيرًا مِن التحديات