بيروت - لبنان اليوم
أكد رئيس الحكومة اللبناني، حسان دياب، أن حكومته وقع على عاتقها المهمة الكبرى بأن تتعامل مع إرث الماضي الذي أدى إلى عدة أسباب على رأسها الأزمة الاقتصادية الحالية، والعجز الكبير في الحساب الجاري، فضلًا عن ارتفاع كبير في حجم الدين العام، والأزمة النقدية التي تُقيد بشكل حاد نفاذ المودعين إلى أموالهم التي جنوها بشق الأنفس.
وألقى "دياب" كلمة خلال الاجتماع مع "مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان"، في القصر الجمهوري في بعبدا، قال فيها: "إنّه لمن دواعي سروري ايضاً ان ارحب بكم اليوم في القصر الجمهوري. خلال الايام الـ 54 المنصرمة، أطلقت حكومتي مروحة واسعة من السياسات والاجراءات لمعالجة العديد من الازمات، وعدد التحديات التي تقع على كاهل حكومته والتي تتمثل في:
1- الازمة الاقتصادية الحالية التي ترخي بظلالها على النمو والعمالة.
2- ازمة مالية تترافق مع عجز مزدوج كبير مالي وفي الحساب الجاري.
3- ارتفاع كبير في حجم الدين العام والخاص.
4- وازمة نقدية تقيد بشكل حاد نفاذ المودعين الى اموالهم التي جنوها بشق الأنفس".
وأضاف: "بسبب هذه العاصفة العارمة، نزل اللبنانيون الى الشارع في شهر تشرين الاول 2019، ينادون بوضع حد للفساد وسوء الادارة وغياب الشفافية. وقد قلت منذ اليوم الاول انني سمعت شكاويهم وانني سأتصرف على هذا الاساس. وكما لو ان الوضع لم يكن اصلا معقدا جدا، أتت جائحة "كوفيد-19" لتثقلنا بالمزيد من المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية".
وتابع: "ان التحديات الهائلة التي نواجهها لن تثبط على الاطلاق عزيمة حكومتي لتقييم الوضع كما ينبغي والتصرف بحزم لتأمين مستقبل مشرق للشعب اللبناني تدريجيا، سيما وانه سيعيش حتما اوقاتا عصيبة جدا الى تطبق الاصلاحات الملائمة. بمساعدة خبراء، تضع حكومتي اللمسات الاخيرة على خطة متكاملة تعالج الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة التي نحن بأمس الحاجة اليها. نعرف ما يجب فعله ولدينا الارادة لنفعله. ولكن من غير المقبول التسبب بصعوبات للبنانيين دون اعطائهم الخيارات المثلى لانتعاش اقتصادي سريع ولامكانية استعادة جزء كبير من خسائرهم على الاقل. من غير العادل ان نرى شعبنا يعاني دون ان يكون لدينا برنامج جاد يمنح الامل، يحاسب المسيئين ويسعى بشراسة لاستعادة الاصول والاموال المنهوبة".
واعلن دياب انه "خلال هذه الايام الـ 54، اضطرت حكومتي الى اتخاذ القرار التاريخي الصعب بتعليق سداد سندات اليوروبوند، بعد تقييمات طويلة ومعقدة لمختلف الخيارات. ويسرني نوعا ما اننا وضعنا انفسنا على سكة مفاوضات النية الحسنة وانكم عبرتم جميعا عن دعمكم لهذه الخطوة الحكيمة. بعد هذه الحركة المهمة، اخترنا استشاريينا المالي والقانوني وبدأنا بالعمل على مدار الساعة على عدة جبهات. كما ان حكومتي امضت ساعات طوال وهي تنظر في عدد كبير من الخيارات للخروج من الازمات بأكبر سرعة وإنصاف ممكنين. وخلصنا الى ان لبنان يحتاج الى اعادة هيكلة دينه بالدولار والليرة اللبنانية ليتمكن من الوصول الى معدل مستدام للدين بالنسبة الى اجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة، على ان تشمل هذه النسبة كل الدعم المالي الخارجي اضافة الى اموال التزامات سيدر. كذلك، نتعهد اجراء برنامجا كاملا لتعزيز اعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية المصرف المركزي".
وتابع: "يرتكز الملخص على التحليل المعمق الذي اجرته حكومتي وفريق المستشارين والخبراء بالنسبة الى الخسائر التي تراكمت في النظام على مر السنين. دعوني الفت انتباهكم ايضا الى ان فخامة الرئيس عون وحكومتي قررا اجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي وفاء منا بوعد الشفافية، ولتعزيز موقفنا التفاوضي في هذه الفترة الصعبة من تاريخ لبنان".
وقال: "وقد تشاركت حكومتي ايضا مع مؤسسات دولية وحشدت دعما منها لمواجهة مختلف الازمات. في هذا السياق، شكلنا فرقا مشتركة مع البنك الدولي لتقييم الوضع النقدي والمالي، ناهيك عن المسائل الاجتماعية والضريبية والاقتصادية. واود ان اغتنم هذه الفرصة لشكر فريق البنك الدولي على تفرغه واستعداده الملفتين للمساعدة. اما بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، فقد استقبلنا بعثة منه بدأنا معها حوارا بناء، تلته مسائل مركزة جيدا تتعلق بالدعم الفني، بما في ذلك آليات فرض قيود على السحوبات (كابيتال كونترول)، وذلك بعد محادثاتي مع المديرة التنفيذية جورجييفا. بناء عليه، سوف نطلب عما قريب من نظرائنا المتعددي الاطراف بأن يبدوا آراءهم بخطة لبنان بهدف ردم الهوة بين مواقفنا. بدورها، تقوم وزارة المال بمخاطبة شركائنا المتعددي الاطراف والثنائيين بانتظام لموافاتهم بمستجدات مواضيع الساعة والاستماع الى تعليقاتهم".
واضاف: "سوف تصبح خطة حكومتي متوفرة قريبا، ونحن اليوم نضع اللمسات الاخيرة عليها. لقد عملنا بلا هوادة لايجاد التوازن الصائب بين ما هو منصف وانساني لشعبنا وما هو مقبول في اطار المجتمع الدولي. لا شك في انكم مهتمون بلبنان ولبنان بحاجة الى دعمكم لا سيما وان لدينا هوة كبيرة ينبغي ردمها. ونحن ملتزمون ردم اكبر قدر منها من خلال أجندتنا الاصلاحية ومن خلال استعادة الاصول المكتسبة بطرق غير شرعية. ونحن نأمل ان تدعمونا بناء عليه بالقدر المناسب من التمويلات الخارجية على الرغم من الاوضاع الدولية الصعبة للغاية. لقد قطعنا اشواطا كبيرة في اقناع شعبنا بضرورة اتخاذ خيارات صعبة في شتى الميادين، ومن العدل ان نتأمل بالمقابل الحصول على دعمكم في التفكير خارج حدود المألوف لايجاد سبل من شأنها ان تخفف مصاعب شعب يعاني منذ قرابة نصف قرن".
وختم رئيس الحكومة: "أود ان اشدد على ان حكومتنا سوف تتعامل مع الشعب اللبناني ومعكم باعلى درجات الشفافية. وسبق ان ابدينا منسوبا عاليا من الجدية والوضوح في تقييم وضعنا، كما ظهر بوضوح في مؤتمر المستثمرين الذي عقدته وزارة المال والذي تلقينا عليه اصداء ايجابية للغاية، بصورة اساسية من حيث دقة التشخيص. ومن ضمن شرعيتنا، سوف نستمر في اخبار اللبنانيين الحقيقة وسوف نعول على دعمهم على الرغم من الفترة العصيبة القصيرة التي تنتظرنا. كذلك، سوف نعول على قدرتكم على التعبئة لدعمنا في مجالس المؤسسات من حيث تخصيص الموارد المالية، ودعم مسعانا الهادف الى استرداد اصول لبنان، وسنتطلع الى ردود فعلكم الايجابية طوال العملية الاصلاحية بغية اعادة النمو المستدام والازدهار للبنان في سياق مستقر وبأقرب وقت ممكن. ومن اصل مجمل الاصلاحات التي تعهدت حكومتي اجراءها خلال الايام المئة الاولى، 57% منها اصبحت اليوم جاهزة للتصويت عليها في مجلس النواب".
قد يهمك ايضا:تقرير يكشف تعرية التشكيلات القضائية والتعيينات للحكومة اللبنانية