بغداد - نجلاء الطائي
أفادت مصادر مطلعة بأن مدينة الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار، غرب العراق، تعيش منذ أسابيع وضعًا إنسانيًا صعبًا بسبب شح في الغذاء في ظل الحصار المفروض عليهم من قبل تنظيم "داعش" المتطرف الذي يحاول استخدامهم دروعًا بشرية. حيث تعيش المدينة في حصار كبير منذ أشهر، ومنع التنظيم العوائل من الخروج إلى مدن أكثر أمنًا، مما تسبب في وفاة 15 شخصًا خلال الفترة من الـ 24 من كانون الثاني/يناير 2016، حتى الـ 30 من ذات الشهر.
وأوضحت شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، في بيان ورد لـ "العرب اليوم"، نسخة منه، ان هناك ما يقارب الـ 100 ألف مدني محاصر الآن في مدينة الفلوجة، وهو ما يضع احتمالات تعرضهم لخطر كبير من العمليات العسكرية في المدينة، أو تعرضهم للقتل والتعذيب من قبل عناصر التنظيم المتطرف.
وأضافت الشبكة، ان الاطفال وكبار السن، يعيشون أوضاعا صعبة جدا، بسبب عدم توفر الغذاء والدواء وأبسط متطلبات العيش، مما يستدعي وقفة جادة من قبل الحكومة العراقية وأصدقائها في المجتمع الدولي لمساعدة المدنيين على تجاوز محنتهم التي يمرون بها. ونقلت عن محمد الحلبوسي، أحد سكان مدينة الفلوجة قوله: إن "بعض المدنيين أصبحوا يأكلون الزرع غير الصالح للاستخدام البشري، وهناك من يطبخ الرز فقط ويقدمه للأطفال. كل شيء بدأ ينفد، والاطفال يعانون من شح الحليب".
وتحدث سكان محليون من مدينة الفلوجة الى المرصد العراقي لحقوق الإنسان، إن "الوضع الذي نعيشه الآن صعب جدا. نحن لا نريد أن نكون مثل مدينة مضايا السورية. كل ما نحتاجه الغذاء وإطعام الأطفال وتوفير الدواء لهم. تنظيم "داعش" يُريد أن يقتلنا جوعا".
ونقل المرصد عن النائبة عن محافظة الانبار، عضو لجنة المهجرين في مجلس النواب العراقي، لقاء وردي قولها: إن "مدينة الفلوجة تعيش اوضاع إنسانية صعبة، ولا يوجد تحرك حكومي لإيصال المساعدات للعوائل المتضررة". وأضافت وردي "هناك خطورة كبيرة على المدنيين الموجودين داخل المدينة الآن، خاصة وأن هناك مرضى وكبار في السن لم يتمكنوا من الخروج إلا بعد موافقة عناصر تنظيم داعش الذي يمنع خروج أي شخص من المدينة".
وأشار الطبيب في مستشفى الفلوجة جمال الفلوجي، عبر اتصال هاتفي مع (د. ب. أ) إلى إن "أطفالا ونساء ورجالا من كبار السن فارقوا الحياة في المستشفى بسبب نقص المواد الغذائية والطبية، وأن هذه الوفيات جاءت لدى كبار السن للذين يعانون من الأمراض المزمنة". وأضاف الطبيب أن "المجاعة التي يعانيها سكان مدينة الفلوجة وضواحيها أدت إلى إصابة هؤلاء الأطفال بأمراض عديدة لم نتمكن من إسعافهم جراء الحصار المفروض"، واصفا معاناة سكان الفلوجة بـ "الإبادة البشرية".
وأخبر طبيب آخر من داخل مدينة الفلوجة، المرصد العراقي لحقوق الإنسان، عن وفاة 15 مدنيًا خلال خمسة أيام بسبب شح الدواء والغذاء في المدينة، وأن أغلب المتوفين هم من كبار السن، الذين يعانون من أمراض مزمنة. كما يحذر المرصد من خطورة عدم الاستجابة للنداءات، التي تُطلق بشأن مدينة الفلوجة، التي قد تنتج مجزرة كبيرة يقوم بها تنظيم "داعش" بسبب الحصار الذي يفرضه على المدنيين هناك، ما لم تسرع الجهات المعنية بالمساعدة لفك الحصار عنها.
ويدعو المرصد العراقي لحقوق الانسان، الامم المتحدة والاتحاد الاوربي والمنظمات الدولية، الى اخذ دورها الانساني لمساعدة المدنيين، الذين يرزحون تحت وطئت القتال ومساعدة الاطفال الذين يعانون من نقص في الغذاء والدواء. وبحسب القانون الدولي الإنساني، فإن "الحصار لفئة معينة من السكان وتدمير منازلهم وممتلكاتهم بشكل ممنهج ومنع الغذاء عنهم بغية إبادتهم، يعتبر جريمة ضد الإنسانية وتدخل في الاختصاص الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويعتبر من أخطر الجرائم على المستوى القانوني الدولي".