جيش الاحتلال الإسرائيلي

بات المتظاهرون، مع دخول مسيرات العودة أسبوعها العاشر، أكثر إصرارًا على تواصلها وتصاعد فعالياتها، ما دفعهم لابتكار أساليب مقاومة جديدة وتطوير وسائل مقاومة كانت تستخدم سابقًا، لإرباك جيش الاحتلال واستنزاف طاقة وحداته المنتشرة شرق القطاع، وبدأ يظهر جليًا أن النشطاء يبتدعون أسلوبًا من المقاومة قوامه تكبيد الاحتلال أكبر قدر من الخسائر وفي الوقت نفسه استنزاف طاقاته.

وما يميز هذا النوع من المقاومة هو اتساع نطاقه زمانًا ومكانًا ما ألحق بسلطات الاحتلال خسائر فادحة وأنهك جنودها المنتشرين على حدود القطاع، وبعد أن كان حرق الإطارات في الانتفاضات السابقة مقتصرًا على حرق عدد قليل من الإطارات لتشكيل ستار يحمي المتظاهرين في شارع ضيق، برز خلال مسيرات العودة حرق الاف الإطارات في وقت واحد لحماية الآف المتظاهرين في المناطق المفتوحة.

فيما أخذ العديد من الشبان مستغلين دخان الاطارات إلى التسلل إلى ما وراء السياج لتدمير أوتعطيل الآلات في مواقع الاحتلال، ما يحرم الجيش من بعض قدرات المراقبة، ويشوش عمل قناصته، ويسهم في تعطيل أعماله ولو بصورة مؤقتة، ويجبره على استبدال بعض المعدات والمواقع، على غرار ما حدث أكثر من مرة شرق مدينة خان يونس، وشرق مخيم البريج، وكذلك بمحاذاة منطقة غزة، حيث دمر شبان كاميرات مراقبة ومعدات تتبع وتجسس، وأحرقوا خيام للقناصة.

ورغم ما يمثله هذا النوع من المقاومة من خطر كبير على الشبان، فإنهم أبدوا إصرارًا على ممارسته، حيث أبدى أربعة منهم شجاعة غير مسبوقة، باجتياز الأسلاك الشائكة شرق مخيم البريج وسط القطاع، وإحراق خيام القناصة، وخطوا على جدار الموقع العسكري اسم الشهيدة الطفلة وصال الشيخ خليل، 15 عامًا، والتي كان قتلها قناص إسرائيليون كانوا يتمركزون في الموقع الذي تم حرقه.

ووثقت عدسات الكاميرات العملية، ما أثار سخط وغضب قادة الاحتلال، الذين اعتبروا الأمر بمثابة فشل كبير للجيش، خاصة أنه جاء في ذروة الاستنفار الأمني، وفي اليوم التالي عاود الشبان تسللهم إلى ذات الموقع، لجلب معطف "جاكيت"، سقط من أحدهم قرب الموقع المحروق.

وأكد شبان أن أشكال المقاومة على اختلاف أنواعها باتت متاحة ضد الاحتلال، خاصة مع استمرار جرائمه وحصاره للقطاع، حيث تحول "خط التحديد" إلى رمز للقمع والظلم والحصار، لذلك يجب أن لا يهنأ الجنود المنتشرون عليه، ولا يشعروا بالراحة.

وأكد الشبان، أنهم وضمن مقاومة الاستنزاف نقلوا عشرات قنابل الغاز المسيل للدموع بعد إطلاقها وألقوها داخل خط التحديد، لتخنق برائحتها التي تنبعث بين الفينة والأخرى قوات الاحتلال، كما يواصلون إطلاق الطائرات الورقية الحارقة، باتجاه مزارع اسرائيلية لتكبيد سلطات الاحتلال أكبر خسائر ممكنة واستنزف جنودها وطواقم الإطفاء.

وقال الشاب محمود أبو موسى، إن ثمة تطور وتحول في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال شرق القطاع، والتي كانت اختفت وتراجعت لأعوام طويلة، فالمتظاهرون كل يوم يبتكرون طرق وأدوات جديدة، ونوه أبو موسى بأنه بالتزامن مع مسيرة العودة الكبرى، هناك تصعيد للمقاومة الشعبية بكافة أشكالها، موضحًا أنه خلال أسابيع من عمر المسيرات تمكن النشطاء من سحب وإزالة مئات الأمتار من الأسلاك الشائكة، التي كانت وضعتها قوات الاحتلال لمنع تسلل الأفراد.

أما الشاب أيمن مسعود فقال: الأسلاك والموانع التي استغرق جنود الاحتلال أشهر وأسابيع في وضعها، وكلفهم ذلك عشرات عمليات التوغل، ومئات الساعات من عمل الفرق الهندسية، أزلناها في أيام، وهذا يوضح مدى فعالية ونجاعة هذا الشكل من المقاومة، وأوضح أن مقاومة الاستنزاف تسببت في تعطيل منظومات مراقبة وتجسس كبيرة نشرها الاحتلال على طول خط التحديد، بعد نجاح الشبان في قص كوابل وتحطيم كاميرات مراقبة، وأجهزة تجسس زرعت في محيط مواقع عسكرية على خط التحديد.

بينما أشاد الشاب خالد عمر "23 عامًا"، بشجاعة المتظاهرين، اللذين استطاعوا في غضون أسابيع تكرار اختراق حصون وموانع أقامها الاحتلال، ودمروا محتوياتها، وعطلوا عمل كاميراته، وأكد أن المقبل سيكون أعظم، ومهما وضع الاحتلال من موانع وأسلاك شائكة، لن يمنع المتظاهرين من مواصلة هبتهم، نصرة للمسجد الأقصى وتأكيدًا على حق العودة، وسعيًا لكسر الحصار الجائر المفروض على القطاع .