ميديين ـ أ ف ب
بعد عشرين عاما على مقتل بابلو اسكوبار برصاص الشرطة الكولومبية في الثاني من كانون الثاني/ديسمبر 1993، ما زال شبح زعيم مافيا المخدرات هذا يلاحق الكولومبيين، بين ضحايا جرائمه، والفقراء الذين استفادوا منه. وكان اسكوبار شن حربا دامية في الثمانينات من القرن الماضي، بهدف الافلات من قرار تسليمه الى الولايات المتحدة، واغرق البلاد في اعمال عنف وجرائم قتل نفذها رجاله، وطاولت وزير عدل، ومالك صحيفة، ومسؤولا محليا، ومرشحا لانتخابات الرئاسة، وآخرين كثر. وينسب الى اسكوبار ايضا المسؤولية عن مقتل مئات المسافرين على متن طائرة استهدفها تفجير قنبلة في العام 1989. ويقول الصحافي لويس اليريو كالي احد الصحافيين الذين تابعوا قضايا اسكوبار، في حديث لوكالة فرانس برس "ان ضحايا اسكوبار لا يحصون، والمعاناة التي سببها هذا الرجل ما زالت قائمة". وعمل هذا الصحافي على نقل اخبار اسكوبار في زمن كانت هذه المهنة تجلب لصحاحبها القتل. وبحسب منظمة "كولومبيا مع الذاكرة" غير الحكومية التي تعنى بضحايا تجار المخدرات، فان عدد ضحايا اسكوبار يصل الى خمسين الفا. وفي مدينة ميديين، حيث قتل اسكوبار في كمين لقوات النخبة، ما زالت ذكرى الرجل تشكل عامل جذب للسياح في هذه المدينة، ثاني كبرى مدن كولومبيا، اول بلد مصدر للكوكايين في العالم. وترتفع لافتة ترحيبية بالسياح في حي تم بناؤه بأموال عصابة اسكوبار "اهلا بكم في حي اسكوبار، هنا انتم في أمان"، وهنا ما زال عدد من السكان الفقراء يدينون له بالجميل. ويقول ويبرني زابالا المسؤول المحلي في هذه المنطقة والبالغ من العمر 41 عاما "لقد ساعد اسكوبار الفقراء هنا، فيما لم تقدم الدولة لهم أي شيء". ويحتفظ المسؤول هذا بصورة لاسكوبار في مقره. وتحتفظ احدى السكان، وتدعى لوز ماري ارياس، بتمثال لاسكوبار، وتقول "انا احترمه مثل روبن هود"، وقد تعلمت هذه السيدة البالغة من العمر 57 عاما الكتابة والقراءة بفضل النشاطات التي كانت تمولها عصابة المخدرات التابعة له. وتضيف "لقد فقدت اثنين من اشقائي بسبب رجاله، ولكن انا لا اهاجمه ولا انتقده، لانه غير حياة الكثير من الناس". وقد امضى اسكوبار عاما في سجن بناه بنفسه وجعله مكانا فاخرا، ومن هناك واصل قيادته لمجموعاته. وقد تحول هذا السجن الى مقصد لمحبيه، يزورونه لتوجيه تحية لذكراه. وليس بعيدا من ميديين، اقام اسكوبار معرضا لمجموعة من السيارات الفاخرة، الى جانب حديقة للحيوان، وقد حولت السلطات هذه الاماكن الى متاحف لضحاياه. ويمكن العثور ايضا في هذه المنطقة على الطائرة الخاصة التي حملت على متنها اول شحنة من المخدرات باتجاه الولايات المتحدة. ويرى الخبير الامني جايم فيرياردو ان اسكوبار شكل درسا لسائر عصابات المخدرات والجريمة المنظمة بضرورة العمل في الخفاء، وان استعراض القوة لا يجدي نفعا. كان اسكوبار اغنى اغنياء كولومبيا، بحسب مجلة فوربز، وقد انتخاب نائبا في البرلمان في العام 1982، ثم ادت الاطاحة به الى موجة من اعمال العنف الدامية. بكى كثير من الكولومبيين عند وفاته، وما زال كثير من محبيه يقولون إنه لم يقتل برصاص الشرطة، بل انه انتحر بنفسه لانه كان يعتقد ان "قبرا في كولومبيا أفضل من سجن في الولايات المتحدة".