كييف ـ أ.ف.ب
اصدر الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش الجمعة عفوا يكاد يكون بمثابة انذار اذ امهل المعارضين 15 يوما للانسحاب من الاماكن العامة التي يحتلونها فيما طلب الجيش اتخاذ تدابير عاجلة بعد شهرين من ازمة غير مسبوقة. ولم يحدد الجيش طبيعة الاجراءات التي يدعو اليها، لكنه اكد ان تصاعد الحركة الاحتجاجية يهدد "سلامة اراضي" البلاد، فيما اعلنت اجهزة الاستخبارات في وقت متاخر مساء انها فتحت تحقيقا في "محاولة الاستيلاء على السلطة" بعدما اطلعت على الخوادم التي ضبطت في كانون الاول/ديسمبر في مقر الحزب الذي تتزعمه زعيمة المعارضة المسجونة يوليا تيموشنكو. وفي وقت سابق، ندد احد قادة المعارضة ارسيني ياتسينيوك ببيان الجيش معتبرا انه "محاولة ترهيب". من جانبه، اعتبر الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن على موقع تويتر ان على الجيش ان يبقى "محايدا". وقال ياتسينيوك لفرانس برس على هامش مؤتمر ميونيخ حول الامن حيث سيلتقي السبت وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان العسكريين "يحاولون ترهيبنا، ولكن من دون جدوى". وهذا الاجتماع يظهر قلق واشنطن المتنامي. وقد اعرب البيت الابيض الجمعة عن "انزعاجه الشديد" لتعرض ناشط اوكراني معارض للتعذيب طوال اسبوع. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان واشنطن "قلقة للغاية" بسبب تزايد التقارير حول اختفاء محتجين وتعرضهم للضرب، والهجمات على الصحافيين خلال الازمة السياسية في اوكرانيا وكذلك بسبب المؤشرات الى ان قوات الامن التابعة للرئيس الاوكراني متورطة في ذلك. وما ضاعف القلق الخارجي ان وكالة موديز للتصنيف الائتماني اعلنت مساء الجمعة خفض تصنيف اوكرانيا درجة واحدة مع "افاق سلبية" بسبب "الطبيعة الاكثر عنفا للازمة" التي تهدد بافلاس الدولة. من جانبها، اعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون انها ستتوجه مجددا الى كييف الاسبوع المقبل للمساعدة في حل الازمة. وكان البرلمان الاوكراني صوت قبل يومين على قانون العفو الذي صدر الجمعة في اطار تنازل للمعارضة. لكنه ارفق بشرط انسحاب المعارضين من الاماكن العامة التي يحتلونها منذ 15 يوما، الامر الذي رفضه هؤلاء ما يعني استمرار المازق السياسي في البلاد. حتى ان مجموعة من المعارضين المتطرفين هددت بالعودة الى اعمال العنف ضد قوات الامن والسلطة اذا لم يتم الافراج عن المعارضين المعتقلين واذا لم تستانف المفاوضات بين السلطة والمعارضة. وتأتي هذه التطورات الجديدة بينما تشهد هذه الجمهورية السوفياتية السابقة مأزقا سياسيا تتبادل فيه السلطات والمعارضة الاتهامات بتسميم الوضع بينما اعلن ان الرئيس في "عطلة مرضية" منذ الخميس. وتحدث سيرغي غلازييف احد مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "انقلاب" تنفذه الولايات المتحدة وحلفاؤها، معتبرا ان على الرئيس الاوكراني ان "يقضي" على المعارضة اذا اراد عدم خسارة السلطة. من جهته، اعتبر فاديم كاراسيف الذي يدير معهد الاستراتيجيات الدولية في كييف ان بيان العسكريين يبرهن ولاء الجيش للرئيس لكنه "لا يعني انه سيتم تفريق المتظاهرين (...) او انه سيتم اعلان حالة الطوارئ". ويبدو ان اصداء ما تعرض له المعارض دميترو بولاتوف (35 عاما) وصلت الى واشنطن واثارت المخاوف من حصول قمع مقنع. وكان بولاتوف خطف في 22 كانون الثاني/يناير في كييف وترك في غابة الخميس بعد تعرضه للتعذيب. ووضعت الشرطة هذا الناشط على قائمة الاشخاص الملاحقين بتهمة اثارة اضطرابات. وسبق ان تعرض معارضون اخرون للضرب او الخطف، وقد عثر على احدهم ميتا في غابة. وابدت اشتون الجمعة "استياءها" الشديد حيال هذه القضية. ويبدو ان الولايات المتحدة قررت وضع ثقلها في هذه القضية بعد الاوروبيين الذين قاموا بمهمات وساطة عديدة وادلوا بالكثير من التصريحات منذ شهرين. وفي مبادرة مهمة حيال المعارضة، يلتقي وزير الخارجية الاميركي جون كيري السبت في ميونيخ عددا من قادتها بينهم بطل الملاكمة السابق فيتالي كليتشكو الذي يقود احد احزاب المعارضة والمعارض السياسي ارسيني ياتسينيوك. ووصف نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين الجمعة اللقاء بانه "سيرك". اما الاوروبيون الذين يخشون تصاعد هذا النزاع الذي اسفر عن اربعة قتلى على الاقل واكثر من 500 جريح، فحضوا في الايام الاخيرة الجانبين على التهدئة. وفي ساحة الاستقلال وسط كييف، تجمعت مجموعة من ناشطي المعارضة الجمعة في درجة حرارة عشرين تحت الصفر ليتولوا "الحراسة". وقال ميشا وهو رجل خمسيني يعمل في صناعة الخشب "سنبقى حتى الرضوخ الكامل للسلطة" ورحيل الرئيس يانوكوفيتش. وكانت الحكومة الاوكرانية استقالت الثلاثاء تحت ضغط الشارع وذكرت الصحافة النمسوية ان رئيسها السابق ميكولا ازاروف توجه الى فيينا، بينما الغيت القوانين التي تحد من التظاهرات.