بيروت - لبنان اليوم
يشبه مصير لجنة الإعلام والاتصالات النيابيّة مصائر كلّ الملفّات الكبرى: تبدأ صغيرة ثم ما تلبث أن تخمد وتختفي ليحلّ مكانها ملفٌ أكبر، فالتصعيد الحاصل في قضيّة اللجنة يشي بوجود ضغوط هادفة الى تنفيسها. إذ أنّ القوى السياسيّة تُدرك أنّ تشكيل لجنة تحقيق نيابيّة تفضح المستور، يُعدّ سابقة قد تتدحرج ككرة ثلج إلى وزارات أخرى.
يترك كلّ هذا انطباعًا لدى المتشائمين بأن تخبو قضيّة الخلوي بدوافعَ طائفيّةٍ وتوازنات سياسيّة، تمامًا كما حصل سابقًا مع قضيّة "قطوعات الحسابات الماليّة"، بعدما اتّهم تيّار "المستقبل" خصومه بإثارته للنيل منه.
يشير هؤلاء المتشائمون إلى أنّ كلّ الوقائع تؤكّد أنّ هناك "حرتقة سياسيّة" يمارسها أكثر من طرف على أعمال اللجنة بهدف "تنفيسها" ومنعها من الوصول إلى مبتغاها. يضع هؤلاء استدعاء المدّعي العام المالي علي إبراهيم الوزراء الثلاثة من دون سواهم في هذا السياق، معتبرين أنّه يُحبط مشروع لجنة التّحقيق النيابيّة، باعتبار أنّ القضيّة أُحيلت إلى القضاء، فما الحاجة الى اللجنة؟
وفق هذا السيناريو، يعتبر هؤلاء أنّ تيار "المستقبل" لو تعاطى بـ"حكمة قانونيّة" مع الموضوع واستجاب وزيراه لدعوة إبراهيم، لكانا أسرعا في الإجهاز على اللّجنة، عبر تأكيدهما أنّ الموضوع صار لدى القضاء ولا حاجة حينئذ لاستماع اللجنة إلى شهادتيهما، أو حتى استدعاء ممثلي شركتي "تاتش" و"ألفا".
إذًا، الفريق المُروِّج فكرة أنّ اللّجنة قد أسلمت الروح، يعتقد أنّ قرار إبراهيم لم يكن لولا "أبّة باط" سياسيّة بعدما تمّ التأكّد من أنّ القضيّة تسلك مسارًا جديًا.
يتساءل هؤلاء: "لماذا لم يتحرّك القضاء في الماضي، خصوصًا أنّ رئيس اللجنة السّابق النائب حسن فضل الله قد تقدّم بأكثر من إخبار قضائي حول عدد من القضايا؟".
في المقابل، يبدو أن اتّهام إبراهيم ليس في مكانه، على اعتبار أنّ قرار استدعاء الوزراء الثلاثة لم يكن بفعل اجتماعات اللجنة في شأن قضيّة الخلوي بل تزامَنَ معها. وفي معلومات لـ"الجمهوريّة" أنّ لغطًا حصل في هذه القضيّة، إذ أنّ الاستدعاء تمّ على خلفيّة ادعاء شخصي تقدّم به النائب جهاد الصّمد في شأن مخالفات تتناول قطاع الاتصالات، وخصوصًا "هيئة أوجيرو".
ويوضح الصّمد أنّ هذا الملف الذي يتضمّن مستندات ووثائق قد تكوّنت إثر اجتماعات لجنة المال والموازنة النيابيّة التي استمعت إلى ممثلي شركتيْ الخلوي و"أوجيرو" في ملف التوظيفات السياسيّة. وعلى ضوئها، أثار الصّمد هذا الملف أمام الهيئة العامّة لمجلس النوّاب خلال مناقشة مشروع موازنة 2019، ما استدعى ردّ رئيس المجلس نبيه برّي الذي اعتبر كلام الصّمد إخبارًا إلى النيابة العامّة.
ولأنّ الصّمد رفض أن يُنسى الإخبار في أدراج القضاء، قرّر أن يتقدّم بصفة الادّعاء الشخصي أمام وزير العدل الذي أحاله إلى النائب العام التمييزي والذي بدوره أحاله إلى المدّعي العام المالي، والأخير قد استمع في 27 آب الماضي إلى إفادة الصّمد الذي حمل ملفّه ومستنداته، مكررًا كلامه عن "مخالفات كبرى تحصل في قطاع الاتصالات".
قد يهمك ايضا:
القلق يسيطر على مؤيّدي ومعارضي الحكومة العراقية مع رفع سقف مطالب المحتجّين
"قلب تونس" يُعلق على صدور النتائج الأولية ويُحذر من التأثير على نزاهة الانتخابات