بيروت ـ كمال الأخوي
لا يمكن متابعة يوميات الثورة في لبنان، دون الوقوف عند إبداع هذا الشعب، الذي يتفنن في الشعارات واليافطات وأساليب الاعتراض. هو شعب لا يمل، يقطع الطرقات، يقرع الطناجر، يتوافد في مسيرات نسائية ومطلبية.. ببساطة هو شعب يشغل الساحات!، ومع تصدّر الـ"هيلا هيلا هو" قائمة الهتافات، لاسيما وأنّها أخذت العديد من الصيغ، إذ استخدمها المتظاهرون ضد وزير الخارجية جبران باسيل، واستخدمها الموظفون المأكولة حقوقهم ضد أصحاب القرار، وكذلك الطلاب الذين احتشدوا أمام مبنى اليونيسكو، اعتلى "الترند" أيضاً العديد من الأغاني التي تمّ اللعب بالكلمات على ألحانها، وأبرزها "بيلا تشاو".
كما الهتافات، كانت اليافطات التي رفعها المتظاهرون ومنها: "أنا رح قوم عن الكرسي وإنتو بعد ما قمتوا"، "صور صور كرمالك عم نثور"، "بدي صوّت بمكان إقامتي مش بضيعة حماتي"، "مدرسة الثورة شهادتها أحلى"، "نزال وطنك عم ياخد presence"، "ما تراهنوا على زهقنا نحن جيل نطرنا كابتن ماجد 3 حلقات ليشوط الطابة"، "الطرقات مغلقة لصيانة الوطن"، "نعتذر عن إزعاجكم نعمل على بناء الوطن"، "I don't need empty promesses i already have my ex".
وغيرها العديد من اليافطات التي عبّرت عن شخصية المواطن اللبناني بأسلوب "سلس" وطريف.
الطلاب هم "الثورة"
الطلاب أيضاً أحياهم القمع، هم الجيل الذي ظلّ صامتاً، حتى أتى انفجار غضبه صوتاً جميلا واعياً امتلأت به الساحات، وذلك بعدما لجأت بعض المدارس إلى رفع بطاقة التهديد في وجهه تحت عنوان أو الطرد أو العودة إلى الصفوف.
هم ليسوا جيل الآيباد، ولا الـ"pubg" كما كنا جميعاً نوصفهم، هم الأكثر إدراكاً لواقعهم في هذا الوطن، وعندما ثاروا، كانوا الأجمل، فنددوا بالمصارف والسياسة المالية وأكّدوا أنّ المستقبل أهم بالنسبة إليهم من سنة دراسية، وأنّ التاريخ يكتب في الشارع لا في كتاب لم يبصر النور لأنّ أولياء الحرب الأهلية اختلفوا على لون صفحاته.
"أحد الإصرار"
كما "أحد الوحدة" الذي جمع المناطق اللبنانية في الأسبوع الماضي، أكّد تجمع اليوم الذي حمل عنوان "أحد الإصرار"، أنّ الشعب اللبناني لن يعود إلى منازله، وأنّ الصوت الذي اتفق عليه المواطنون يوم 17 تشرين الأوّل باقٍ حتى تحقيق المطالب.
اليوم الساحات امتلأت في جميع المناطق اللبنانية، بمواطنيها، فعاد المشهد كما يوم الثورة الأوّل، الإرادة لم تنطفئ، والإصرار على المضي قدماً هو أمر مسلم لا نقاش فيه.
أحزاب سياسية تتجه إلى الساحات
هذه الساحات التي ابتعدت في الأيام الماضية عن قطع الطرقات، معتمدة على طرق احتجاج وضغط جديدة، تشير معلومات إلى سعي بعض الأحزاب للانخراط فيها في الساعات المقبلة، وتحديداً "حزب الله" الذي حيّد مناصريه قبل استقالة الحكومة، كي لا يكون طرفاً في إقالتها.
"حزب الله" الذي يحاول الانخراط في هذا المناخ الثوري، وذلك بعد محاولات كل من تياري الوطني الحر والمستقبل، وضع العديد من الأسئلة على طاولة النقاش، لاسيما حول مدى استيعاب مناصريه لشعار "كلن يعني كلن" الذي يصرّ عليه المتظاهرون.
في هذا السياق يؤكد الناشط السياسي الدكتور مكرم رباح، لموقع "لبنان 24"، أنّ الضغط على السلطة لم يتراجع بعد قطع الطرقات، وإنّما اتخذ العديد من الأوجه، لافتاً إلى أنّ إغلاق الطرقات أدّى في إحدى المراحل إلى حالة من التململ مع الناس الذين اعتبروا أنّهم يحاصرون.
وشدد رباح على أنّ المعنويات في الشارع عالية، وأنّ الجميع على قناعة أنّ الطبقة السياسية لن تصطلح، وهذا ما أدّى إلى ارتفاع وتيرة التحرك.
وفي ما يتعلق بالتهويل بالأوضاع الاقتصادية، ومحاولة استعمال السلطة لهذا الانهيار كورقة في وجه المتظاهرين، أوضح الناشط السياسي أنّ "الوضع الاقتصادي يدفع التحرك لأن يصبح أكثر قوّة"، مؤكداً أنّ محاولة البعض التصوير أنّ هذا التدهور سببه الثورة هو كذب، فالانهيار الاقتصادي هو الذي دفع الناس للنزول إلى الشارع.
وبحسب رباح، فإنّ الوضع العام ليس جيداً بالنسبة للطبقة السياسية التي جربت الضغط بالقوة، بالمال، وحتى خطف الثورة من الداخل، معتبراً أنّ اللبنانيين لديهم حالة متقدمة من الوعي وذلك لسبب بسيط، وهو أنّ الأكثرية منهم كانوا جزءاً من هذه الأحزاب ويدركون "حركاتهم".
وعند سؤاله عمّا يتردد عن اتجاه مناصري حزب الله للانخراط بالثورة، قال: "في حال أرسل حزب الله شبابه إلى الساحات فهم سيسمعون الكلام ذاته الذي يقولونه هم في جلساتهم المغلقة، وأنّ الثورة هي ضد الفساد ولا تطالب بنزع سلاح حزب الله"، مضيفاً "إن كان الهدف من إرسالهم هو مواجهة الشعب فهم في النهاية جزء من هذا الشعب، فهل من اختلاف بين مناصر حزب الله ومناصر حزب القوات اللبنانية في موضوع فساد الدولة".
وشدد رباح في الختام على أنّ لا شارع مقابل شارع، وأنّ ايّ حزب يحاول الخرق أو اختراع هذه المواجهة سيفشل.
قد يهمك أيضاَ
العملية التركية في سورية واتهامات بارتكاب حلفائها جرائم حرب ضد الأكراد
أحد الوحدة" أعاد الثورة اللبنانية إلى أيامها الأولى ووحد الهتاف "كلن يعني كلن