تونس - حياة الغانمي
أكّد كاتب عام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، كثير بوعلاق، أن المهربين الذي يتحكّمون في أكثر من 50% من الاقتصاد الوطني هم بالضرورة أقوى من الدولة ماديًا، مشيرًا إلى أنّ "هناك الكثير منهم يستحوذون على أموال طائلة جراء عمليات التهريب والنشاط الموازي، وأنّ موضوع مكافحة الفساد أصبح أمرًا مصيريًا".
وبيّن كثير بوعلاق، في مقابلة خاصّة مع "العرب اليوم"، أنّ الحملات التي تستهدف رئيس الحكومة يوسف الشاهد على خلفية حربه على الفساد وكذلك رئيس الهيئة شوقي الطبيب، صادرة عن اللوبيات الخطيرة المستعدة لفعل أي شيء لحماية مصالحها، مشيرًا إلى أنّه "من الطبيعي أن تمثل الحرب على الفساد مصدر إزعاج لهم وخطرا يهدّد مصالحهم"، وأنّ موضوع مكافحة الفساد أصبح الموضوع الأول على الساحة الوطنية بامتياز.
وطالب بوعلاق، بسحب مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، في ظل برمجة مجلس نواب الشعب لجلستي مناقشة مشروعي القانونين المتعلقين بهذه الهيئة وبالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية، ولاحظ الكاتب العام للهيئة أن صياغة مشروع القانون من قبل السلطة التنفيذية يخل بتوزيع السلط الذي أقرّه دستور 2014 من خلال إحداث الهيئات الدستورية المستقلّة، واستعرض الاشكالات المتعلّقة بدستورية النص خاصة فيما يتعلق بعدم الحصول على الرّأي المسبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وفقا لما تفتضيه أحكام الفصل 13 من المرسوم الإطاري عدد 120 لسنة 2011 والمتعلق بمكافحة الفساد، كما انتقد عدم وجود أحكام تضبط التنظيم الهيكلي للهيئة وآليات ممارسة صلاحياتها في علاقة بالمهام المحمولة على كاهلها بمقتضى نصوص قانونية أخرى، على غرار القانون المتعلق بالتبليغ عن الفساد وبحماية المبلغين أو خيارات يتوجّه المشرّع نحو تكريسها مثل مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتصريح بالممتلكات ومكافحة الإثراء غير المشروع.
ولفت بوعلاق، النظر إلى غياب أحكام تكرّس بصفة واضحة الاستقلالية المالية للهيئة التي نصّ عليها الدستور صلب الفصل 125 بالإضافة إلى عدم إفراد الهيئة بسلطة ترتيبية تمكنها من ممارسة صلاحياتها، بكل استقلالية عن باقي السلط ومن اتّخاذ القرارات لإنجاز مهامها وتسيير دواليبها، واعتبر إسناد الهيئة بموجب مشروع القانون المعروض ضابطة عدلية فرعية خاضعة للسلطة القضائية وليست ضابطة أصلية تمكّنها من ممارسة أعمال التقصّي في حالات الفساد تراجعا غير مبرّر عن الصلاحيات والسلط المسندة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بمقتضى المرسوم الإطاري عدد 120 لسنة 2011 المتعلق بمكافحة الفساد.
وتحدث بوعلاق، عما اعتبره ارتدادا عن المكتسبات التي تمّ إرساؤها من خلال الإطار التشريعي لعمل الهيئة الحالية، بما يكرّس التضييق على صلاحياتها المطلقة وفق مقتضيات الدستور ويقلص من نجاعة عملها في مجال مكافحة الفساد، ودعا إلى استحداث آلية إجرائية توجب تمكين الهيئة من متابعة الملفات التي تحيلها على القضاء ومباشرة الدعوة المدنية عن طريق منحها حق التقاضي رأسا في قضايا الفساد بوصفها قائمًا بالحق الشخصي.