المصارف اللبنانية

خوف المودعين على ودائعهم "المحبوسة" في المصارف اللبنانية دفع كثيرين منهم إلى التفكير في أي طريقة لـ"تحريرها" وتجنّب مخاطر أي انهيار أكبر لسعر صرف الليرة، بأي وسيلة ممكنة، ومنها استثمارها في العقارات. فيما المصارف، من جهتها، تستغل ذعر المودعين عارضة عليهم مقايضة أموالهم بشقق وعقارات، حتى باتت منافسة جدية للوسطاء العقاريين.

 

رجا مكارم، المدير العام لشركة "رامكو" العقارية، يؤكّد أن "المصارف تحولت حرفيًا إلى وسيط عقاري، وهي أكبر منافس للوسطاء العقاريين حاليًا من خلال لجوئها إلى عرض مقايضة عقارات وشقق وأراضٍ بودائع لديها". وهذه السلوكيات "ليست وليدة الساعة، إذ بدأتها المصارف منذ فترة غير قليلة. إلا أنها، مع تأزّم الوضع الاقتصادي، زادت من وتيرة هذه العروض بشكل متسارع".

تصرفات المصارف وصلت إلى حد قيام بعضها "بالاتصال، مباشرة، بعدد من المتموّلين وعرض شقق وأراضٍ عليهم للبيع بأسعار جذّابة. وهي تمادت في تصرفاتها غير اللائقة إلى درجة لم تتوانَ فيها عن فضح أسماء المالكين الذين يرغبون في بيع عقاراتهم، وهو أمر مستهجن. إذ أن الوساطة العقارية تفرض احترام خصوصية الزبائن وعدم فضح أسمائهم".

جهاد الحكيّم، الاستراتيجي في أسواق البورصة العالمية، يلفت إلى "استفادة المصارف من الظروف الراهنة لخفض حجم مطلوباتها عبر اللجوء إلى هذه المقايضات مع المودعين الذين وجدوا أنفسهم مضطرّين للاختيار بين الـ Capital Control، وبالتالي الاحتفاظ بودائعهم في المصرف، مع عدم القدرة على التصرف بها وبين مقايضتها بعقارات رهنها مودعون آخرون كضمانة لقروض تعذّر سدادها".

ورغم أن "بيع" العقارات أو "مقايضاتها" في الوقت الراهن سيُحقق عائدات أقلّ للمصارف من القيمة الأساسية التي سُجلت بها هذه العقارات، بحكم تراجع الأسعار، إلا أنه قد يكون أهون الشرّين، خصوصًا في ظل احتمال تدهور الأسعار بشكل أكبر في المرحلة المقبلة. أضف إلى ذلك أنه سيكون من المفيد للمصارف تجنّب تكرار تجربة المحافظ العقارية التي حملتها إبّان الأزمة العقارية أواخر تسعينيات القرن الماضي.

 

ما يتمّ تداوله عن زيادة في الطلب على العقارات من قبل المودعين القلقين على مصير ودائعهم، يؤكده عقاريون، برغم إشارتهم إلى أنه لا يمكن الحديث عن "هجمة عقارية". وفي هذا الإطار يقول الخبير العقاري وسام مبارك إنه، بحسب المعطيات المتوافرة، فإن "الطلب على العقارات ارتفع أخيرًا وخاصة على الأراضي، مع إصرار أغلب البائعين على أن يكون الدفع بالدولار، إما نقدًا أو من خلال شيكات مصرفية".

 

بدوره، يقول المدير العام لــ"رامكو" إن "الطلب على العقارات يختلف بحسب كل حالة ووفق حجم الوديعة في المصرف. فمن يملك 200 ألف دولار يسأل عن عقارات بهذا السعر، ومن يملك مليونًا يسأل عن عقار بهذا المبلغ، وهكذا دواليك." ويلفت الى أنه "رغم إمكانية هبوط الأسعار بشكل أكبر في المستقبل بحسب تطور الأوضاع، إلا أن أغلب الناس يفكرون من منطلق كل يوم بيومه. فالبعض قد يخاف من الانتظار أكثر حتى ولو كان تراجع الأسعار مضمونًا".

في المقلب الآخر، فإن الخوف من المستقبل دفع كثيرًا من البائعين إلى التراجع عن بيع عقارات كانوا عرضوها للبيع سابقًا مفضّلين الاحتفاظ بها كضمانة، انطلاقًا من أن لا جدوى من الحصول على أموال في الحساب لا يُمكن التصرّف بها. لكن الأمر يختلف بالنسبة إلى المدينين ومن لديهم استحقاقات مادية ضاغطة لا مفرّ منها، أو في حال كان الدفع بالدولار نقدًا أو من خلال حسابات في الخارج لكلّ من البائع والشاري.

قد يهمك أيضاَ:

إدارة ترامب تشيد باتفاقية "USMCA" وتؤكد تحقيقها ربحًا كبيرًا للعمال الأميركيين​

علي حسن خليل يكشف فوائد إدراج بيروت ضمن لائحة الدول المعتمدة من سويسرا