بوركينا فاسو ـ أ ف ب
نجحت بوركينا فاسو في غضون ثلاثين عاما بفضل تقنيات بسيطة في استصلاح ثلاثة الاف كيلومتر مربع من الاراضي القاحلة في مؤشر الى امكانية تجنب التصحر.
ففي بلدة ريم الهانئة البالغ عدد سكانها ثلاثة الاف نسمة والتي تبعد عشرات الكيلومترات فقط عن مالي تنتشر النبتات العالية على مد النظر رازحة تحت ثقل حبوب "البانيغا" الثقيلة وهي نوع من الذرة البيضاء التي تزرع في هذا الجزء من بوركينا فاسو.
وتقول اماندا ليندهارت الباحثة في معهد "اوفيرسيز ديفلبمنت اينستيتوت" (او دي اي) التي وضعت تقريرا حول الموضوع "كانت المنطقة صحراوية الا ان السكان تمكنوا من نشر الخضار في المنطقة".
ففي ريم كما في مناطق اخرى في شمال البلاد، يعتمد المزارعون "الزاي" او "الطوق الحجري". وهي وسيلة سمحت لهم بانعاش التربة واستصلاح اراض لم تكن صالحة بتاتا للزراعة.
وتقوم هذه التقنية على اقامة حواجز حجرية صغيرة "من اجل لجم سيلان المياه" الامر الذي يسمح للمياه "بالتسرب الى باطن" الارض والحؤول دون انزلاق التربة على ما يوضح المهندس الزراعي بولان درابو.
وتقام بعد ذلك حفر تنثر فيها الاسمدة قرب الحجارة المصفوفة. ويمكن للمزروعات التي تحظى تاليا بتغذية افضل ان تنبت وتعلو. وقد انقلبت حياة المزارعين في بلدة ريم رأسا على عقب في بلد يعتمد 80 % من سكانه على الزراعة.
وتوضح المزارعة سيتا روامبا "في السابق عندما كنا نزرع على ارض مجردة لم نكن نحصد شيئا. اما الان مع التقنية التي علمونا اياها تنبت الذرة البيضاء بشكل جيد".
وبدلا من التركيز على الاراضي "الخصبة" على ضفاف الانهر او المجاري المائية بات الان بالامكان "الزراعة في اي ارض مهما كانت سيئة" على ما يؤكد المزارع سليمان بورغو (38 عاما).
وقد زادت المحاصيل بشكل كبير. ويؤكد سادو بورغو والد سليمان "مستودعاتي مليئة ولدي ما يكفي من الفاصولياء ايضا".
وبفضل الطوق الحجري هذا تمكن رب العائلة هذا الذي لديه 11 ولدا من تحسين وضعه المادي. ويوضح سايدو بورغو انه تمكن من شراء "الماعز والابقار ودراجة نارية".
ويؤكد بفخر "في حال واجهت صعوبات بامكاني بيعها لاشتري ما نحتاجه للاكل. هذا الامر يسمح لي بادارة شؤون عائلتي بشكل جيد".
واعتمد نحو ثلاثين مزارعا "الزاي" في ريم في مقابل 700 الف في كل انحاء البلاد على ما يفيد جويل اويدراوغو مدير الاتحاد الوطني لتجمعات النام (تعني "ملكية" في الموري لغة البلاد الرئيسية)وهي منظمة غير حكومية تدعم الاوساط الزراعية.
وهو يعتبر ان 200 الى 300 الف هكتار من الاراضي استصلحت وباتت قابلة للاستغلال اي الفين الى ثلاثة الاف كيلومتر مربع ما يوازي مساحة لوكسمبورغ تقريبا.
وهي نتيجة ملفتة في منطقة الساحل هذه التي تعاني من التصحر ومن تقلبات في المتساقطات على ما تؤكد اماندا لينهارد.
وتوضح هذه الباحثة الكندية التي تعنى منظمتها في تحليل التقدم الحاصل على صعيد التنمية ان بوركينا فاسو تظهر انه "بالامكان مكافحة التغير المناخي".
وتضيف ان هذه الوسيلة "البسيطة جدا" معروفة "أينما كان في منطقة الساحل" لكنها مستخدمة بشكل افضل في بوركينا فاسو مقارنة بدول اخرى.
والنتيجة ملفتة من الجو خصوصا، فبين منطقة لا تعتمد "الزاي" وحقل تطبق فيه هذه التقنية تراوح الالوان بين البني في المساحات الصخرية القاحلة والاخضر الجميل وهو رمز للحياة بكل بساطة.
والرهان يتجاوز الامن الغذائي فقط وهو امر اساسي في بوركينا فاسو المستعمرة الفرنسية السابقة.
فهذا البلد الفقير يعرف كما غالبية الدول النامية، نزوحا كبيرا من الارياف ما يزيد الضغوط في المدن الرئيسية.
وهذا النزوح لن يكون بهذه الوتيرة في حال حافظت الارياف على جاذبيتها للشباب في البلاد حيث 60 % من السكان البالغ عددهم 17 مليونا هم دون الخامسة والعشرين.
وسليمان بورغو مثال على ذلك فهو هجر الارض القاحلة لمدة سنة وانتقل الى ساحل العاج المجاورة. وبعدما اعتمد والده تقنية "الزاي" طلب من ابنه العودة. وبعد ست سنوات على ذلك، لا يزال سليمان يرى في ريم مستقبله.