رام الله - العرب اليوم
عرضت في رام الله اليوم الثلاثاء، الملحمة الشعبية التاريخية للنضال الوطني الفلسطيني "باقون كأشجار الزيتون"، تكريما لأرواح شهدائنا وتقديرا لأسرانا البواسل، بتنظيم من مفوضية العلاقات العربية والصين الشعبية في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وجامعة القدس المفتوحة.
وقدمت في الملحمة التي عرضت في قصر رام الله الثقافي، لوحات تراثية وغنائية تركزت حول مرور مائة عام على الكفاح الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال، وحول النضال الوطني الفلسطيني من جيل إلى جيل، وملحمة شعبية حول روح الشهيد المؤسس الزعيم ياسر عرفات، وغيرها.
و"باقون كأشجار الزيتون" عبارة عن ملحمة شعبية تاريخية ترصد النضال الوطني الفلسطيني وتوثقه عبر الأجيال منذ عشرينات القرن الماضي حتى الآن.
وفي هذه الملحمة كان ياسر عرفات هو الفصل الأطول في حياتنا، وكان اسمه أحد أسماء فلسطين الجديدة الناهضة من رماد النكبة إلى جمرة المقاومة، ثم إلى فكرة الدولة وصولا إلى واقع تأسيسها المتعثر، لكن للأبطال التراجيديين قدرا يشاكسهم، يتربص بخطواتهم الأخيرة نحو باب الوصول، ليحرمهم من الاحتفال بالنهاية السعيدة بعد عمر من الشقاء والتضحية، ذلك أن زراع الحقل الوعر لا يكونون غالبا حُصّاده.
وتولى رواية الحكاية الفنانان: مثنى شعبان ومعزوز البزاري، وشارك في الملحمة الفنانون: نجيب صبري، وأبو الناجي، وبلال الفطيمي، وصهيب الجماعيني، ومفيد الحنتولي، وأحمد الشاعر، وأحمد الفحماوي، وعمر قوصنة، ومحمود الجلماوي.
واختتمت فرقة الناصرة للفنون الشعبية الملحمة بعدة قصائد وطنية وعرض غنائي ودبكة شعبية، جسدت معاناة شعبنا وتوقه للحرية والعودة إلى دياره التي هجر منها.
من جهته، قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، مفوض العلاقات العربية والصين الشعبية عباس زكي: "الذين لا تاريخ لهم لا حاضر لهم ولا مستقبل، وهذه اللوحة لخصت مسيرة طويلة من النكبة إلى أراضي 48، وفتح وانطلاقتها، وأيضا التلاحم بين الضفة وغزة وأراضي 48، وختمتها فرقة الناصرة بأن العلم والهوية هما أولوية، وبالتالي إن شاء الله يكون هذا الشكل هو من بواعث الثقة في نفوس الفلسطينيين، في ظل كل هذه الأمواج العاصفة".
من جانبه، قال رئيس جامعة القدس المفتوحة يونس عمرو "إن جامعة القدس المفتوحة هي جامعة الوطن الفلسطيني التي تمثل الوجه الأكاديمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بل الوجه النضالي في مواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد جامعات ومعاهد التعليم العالي الفلسطيني بوجه عام، ومن هنا فإن (القدس المفتوحة) بما أوكل لها من دور أكاديمي كان لها دور وطني نضالي في تبني الشرائح النضالية من الأسرى المحررين وأبناء الشهداء وعائلاتهم والجرحى والمصابين والمعاقين، ليتلقوا تعليمهم العالي في رحاب الجامعة، بالإضافة إلى شرائح المجتمع الفلسطيني الأخرى".
وأضاف أن الجامعة أوكل لها دور آخر وهو المسؤولية الوطنية التعليمية والتثقيفية والمجتمعية والسياسية، من أجل رفعة وجه النضال الفلسطيني وإبرازه بصورته الحقيقية، بحيث واكبت وجوه النضال الفلسطيني وأحداثه منذ نشأتها حتى الآن".
وتابع: "واستكمالا لدورها النضالي فقد تطرقت إلى ماضي رحلة النضال الفلسطيني منذ بدايتها في صراعها مع الحركة الصهيونية في ظل الانتداب البريطاني وفترات الحكم المتعاقبة على هذه الأرض، فكان هذا المشروع الذي تبنته الجامعة بالتعاون مع مفوضية العلاقات العربية والصين الشعبية في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، فالجامعة اليوم لم تقف عند هذا النشاط فحسب، بل نراها تسعى إلى التوثيق وإبراز صور النضال المتواصل لشعبنا ضد الاحتلال في الماضي والحاضر والمستقبل، مع التركيز بصورة خاصة على رحلة القيادة الفلسطينية التاريخية وعلى رأسها الرمز الخالد الشهيد ياسر عرفات، لأن رحلته تشكل المرحلة الأوسع من مراحل صراع شعبنا ضد الاحتلال، وصولا إلى إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
وأردف عمرو: "باستشهاد الخالد ياسر عرفات يكون قد سلّم الراية إلى صحبه من أولئك الذين بدأوا الرحلة معاً، فواصل الخلف رحلة سلفهم، ونأمل من الله أن تتحقق جهودهم وأن ينجحوا بإعلان الدولة وعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس حفظه الله".
بدوره قال مستشار مفوضية العلاقات العربية في حركة "فتح"، المشرف العام على النشاط إسماعيل التلاوي إنه "كان من المقرر أن تقام هذه الملحمة الشعبية التاريخية العام الماضي في الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الزعيم المؤسس ياسر عرفات، لترصد وتوثق النضال والكفاح الوطني للشعب الفلسطيني على مدى 100 عام ضمن مراحله النضالية التاريخية قبل عام 1948م وما بعد ذلك، في منطقة جنين وتحديدا ببلدة برقين.
وكنا قد بنينا قرية فلسطينية بحجارتها القديمة وأزقتها تصور الحياة في أربعينات القرن الماضي، لنقدم فيها هذه الملحمة التي قادها ثوار الثلاثينات والأربعينات، حيث يظهرون بخيولهم ولباسهم وأسلحتهم، بما في ذلك المراحل التاريخية الأخرى التي تلت انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة الزعيم ياسر عرفات، وكنا قد أعددنا لدخول أبو عمار ورفاقه من الفدائيين ضمن مشاهد درامية لتصل الفكرة إلى جماهير شعبنا، ونقول إن المقاومة مستمرة من جيل إلى جيل حتى زوال الاحتلال".
وأضاف "أن هذه القرية التي شيدت لتصور تلك الحقبة الزمنية قد دمرها شتاء العام المنصرم، لذا قررنا أن نقدم الملحمة الشعبية اليوم على مسرح قصر رام الله الثقافي بطريقة مصغرة قد لا تختلف كثيراً، وفي هذه الليلة (ليلة عرض الملحمة) شاهدنا ثوارنا في الأربعينات وأبو عمار ورفاقه الفدائيين، وكم كانت حياة شعبنا الفلسطيني جميلة قبل مجيء العصابات الصهيونية التي شوهت هذا الجمال ودمرته، لذلك كان لا بد من مقاومة الاحتلال بكل أشكاله، وكان لا بد من أن نعرّف أجيالنا بأن راية النضال لن تسقط وإنما تنتقل من جيل إلى جيل ما دام هذا الاحتلال جاثماً على أرضنا".
وتابع أن "الملحمة تستهدف جيل الشباب ليتعرف إلى تاريخنا عبر مشاهد توثق نضال شعبنا، وتستهدف أيضا إحياء هذا التراث العظيم بكل أشكاله، لهذا بنينا القرية الفلسطينية التي تشهد بأننا باقون هنا منذ آلاف السنين، وتثبت أن لهذا الشعب عاداته وتقاليده وأغانيه، وتراثه الشعبي الذي يؤكد الهوية الثقافية لشعب يستحق الحياة".
ولفت التلاوي إلى أن هذه الملحمة الشعبية تُقدَّم تقديرا لشهدائنا وتكريما لأسرانا البواسل القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بحضور روح الشهيد الزعيم المؤسس ياسر عرفات.