بيروت ـ ننا
تواصل الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST ندواتها الشهرية "لبنان على أقلام المستشرقين"، في حلقة ثالثة، تحدث فيها الدكتور أندريه نصار والدكتور جويل الترك، من سلسلة مؤتمر سداسي في هذا الموضوع. أدار الجلسة رئيس المؤتمر الدكتور أنطوان القسيس الذي أضاء على أهمية ما كتبه المستشرقون عن لبنان أبحاثا ودراسات وكتبا فردية وجماعية. وتناولت الدكتورة جويل الترك في محاضرتها "لبنان في كتابات هنري غيز"، القنصل الفرنسي "ابن العائلة المرسيلية المرموقة المعروفة في تاريخها السياسي والثقافي والاجتماعي، الذي أمضى وقتا طويلا في ربوع الشرق، وخصوصا في لبنان متنقلا زائرا معالمه، معجبا بجماله، هائما بحب الكتابة عنه ووصف اثاره وعادات شعبه، ومعرفة طبيعته"، شارحة "علاقة غيز بلبنان من خلال كتاباته، رجل سياسي دبلوماسي استحوذ على اهتمام العديد من البحاثة والرحالة والمستكشفين، إنه القنصل الفرنسي في لبنان (1824-1838) خلال فترة كانت فيها التجاذبات السياسية والاجتماعية والتدخلات الغربية الجمة في الشرق في ذروتها، ولهذا اتصفت هذه الفترة التي واكبها هنري غيز، بالكم الهائل من الأحداث والمشاهدات، والتغيرات السياسية والجغرافية والتجارية والاجتماعية على حد سواء". وقالت: "اعتمدنا في بحثنا هذا على مؤلفاته الثلاثة التي تكلم فيها عن لبنان، لبنان وبيروت (1847) ونبذة عن الوضع السياسي والاقتصادي لسوريا (1862) وسياحة الى سوريا (1855) بالاضافة الى بعض رسائله وتقاريره الدبلوماسية التي وردت في الجزء الخامس من سلسلة الوثائق الدبلوماسية والقنصلية (1972-1985) التي طبعها السفير عادل اسماعيل ومراجع مختلفة موسوعات ومجلات فرنسية". وتحدث الدكتور أندريه نصار في كلمته بعنوان "فخر الدين المعني الثاني في كتابات الأب ماريتي"، عن "نظرة ماريتي إلى فخر الدين الثاني من خلال كتابه "تاريخ فخر الدين أمير الدروز الكبير"، وقال: "نظر ماريتي إلى الشرق منبع الأديان وذي الطابع الإنساني - الديني الخاص الفريد نظرة خاصة، فقرر منذ حداثة سنه السفر إليه للتعرف، عن كثب إلى معالمه الدينية والتاريخية والاجتماعية وإلى تنوع جمالاته الإنسانية. ترك ماريتي تسعة مجلدات عن قبرص وسوريا وفلسطين ولبنان، تحتوي المجلدات الأربعة الأول على معلومات جغرافية وتاريخية وعلى اختباراته الشخصية عن الإنسان الشرقي بانتمائه الديني وبحياته الاجتماعية. ووضع ماريتي كتاب "تاريخ فخر الدين أمير الدروز" سنة 1787، وكان يجزم بأن فخر الدين سيكون الحاكم والخلف الوحيد لوالده الذي توفي، مستبقا الأحداث". وتطرق الى "تأجج قلب الأمة الدرزية بمحبة العائلة المعنية وتعلقها بها على رغم غيابها الطويل عن مسرح الحياة السياسية"، مستنتجا ان "ماريتي حاول منذ اول الكتاب حتى آخره ايصال رسالة الى القارئ مفادها ان "الأمير سليل عائلة عريقة ورث عنها حسن النسب والفطنة والذكاء والحكمة وبعد النظر وغيرها من المؤهلات التي تسمح له بتولي الحكم". وعالج الدكتور أحمد حطيط موضوع "لبنان في كتابات المستشرق كلود كاهين"، وهو "من أسرة يهودية معادية للصهيونية ويعتبر من أهم المستشرقين والمؤرخين الفرنسيين في القرن العشرين. وضع الكثير من المصنفات والبحوث عن تاريخ المجتمعات الإسلامية في القرون الوسطى، خصوصا إبان الحروب الصليبية، وتميز عمله بالدقة والتكثيف والصعوبة على عادة العلماء الأكاديميين الكبار الذين يسعون إلى دقة الفكرة دون تزويق العبارة. ومن أبرز مؤلفاته "تاريخ العرب والشعوب الإسلامية منذ ظهور الإسلام حتى بداية الأمبراطورية العثمانية" و"سوريا الشمالية وإمارة أنطاكيا في عصر الحروب الصليبية" و"الشرق والغرب في زمن الحروب الصليبية". وكان كاهين من أكثر مستشرقي عصره معرفة بالإسلام دينا ودنيا. أخبار لبنان في مؤلفاته كما في بعض الدراسات جاءت مبعثرة متفرقة، إنما يمكن جمعها إلى بعضها بعضا في أربعة عناوين: طرابلس ومنطقتها في ظل حكم الفرنج، سكان لبنان والفرنج، إدارة المناطق اللبنانية زمن الفرنج، ومواقف اللبنانيين من الفرنج". كما عالج حطيط هذه النقاط الأربع، وفق تنظيرات كلود كاهين، وخلص إلى أن "الجماعات السكانية في لبنان على اختلاف مشاعرها وتوجهاتها، تساوت في موقفها من الفرنج عند بداية احتلال هؤلاء الساحل اللبناني خصوصا والشامي عموما، فاختارت الانحناء أمام العاصفة، لذا رحب السكان بالفرنج حين انتشروا في لبنان، ليجنبوا مدنهم الخراب والدمار. وباستثناء صيدا يمكن القول إن ضبابية المناخ السياسي في المنطقة إبان تلك الفترة، جعلت مواقف معظم السكان في تبدل دائم، بحسب المستجدات المتسارعة على ساحة المواجهة في بلاد الشام والديار المصرية".