ست وستون تمريناً من أجل كتابة سيناريو جيد يتضمنها كتاب "كتابة النص السينمائي الإبداعية في فهم البنية العاطفية" لمؤلفته كريستينا كالاس ومترجمه إياد دك الباب الصادر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب بحيث ينقلنا بين الكثير من المحاور التي تضع خطوات عملية وتستعرض العديد من نظريات وأساليب كتابة السيناريو المميز. تبدأ التمارين من أهم عناصر بنية النص السينمائي وهي الشخصية على اعتبار أن التفكير والشخصية هما السببان الرئيسيان الطبيعيان واللذان من خلالهما تزدهر الأحداث ففي سعي الشخصيات لتحقيق رغباتها ينبغي أن تتصاعد الوتيرة الدرامية وتخلق الصراع عبر تضارب الرغبات أو الإشكالات التي تنشأ بين الاندفاع نحو تحقيق الهدف وبين العوائق التي تعترض ذلك سواء أكانت داخلية أو خارجية. وترسم "كالاس" خطوط السيناريو العامة بحيث تخبر عن الوضع الراهن الذي تعيش فيه الشخصيات معلنة عن زمانها ومكانها وسياقها الاجتماعي والنفسي ثم لا تلبث أن تتغير الظروف بحيث ينقلب البطل على وضعه أو على ذاته في بعض الأحيان لمجابهة رغبة مضادة تعترض طريق رغباته ووصوله إلى هدفه المعلن أو غير المعلن ويسمى هذا التحول الاضطراري بأسلوب "الزناد" أو "الطعم" أو "الدعوة للمغامرة". وتبين المؤلفة الألمانية أن نقطة تبدل الظروف والدخول في المجابهة تضع الشخصية الرئيسية في متن القصة وفق تعزيز مستمر للدوافع والعوائق وذلك من أجل الوصول إلى أعلى ذروة درامية يتبدى من خلالها المأزق أو الأزمة الحقيقية التي تحيط بالبطل لدرجة قد لا يستطيع حلها ليأتي الفصل الختامي ويستعرض القدرة على تجاوز العقبات أو الاحتيال عليها من أجل تخطيها. كما يوضح هذا الكتاب كيفية تعامل السيناريست مع الصور والموسيقا والصوت من أجل خلق الحالة الدرامية التي يبغي وضع شخصياته ضمنها إضافة إلى مجموعة من التدريبات للتعامل مع أحلام الشخصيات وأفكارهم ورغباتهم الدفينة وفق خبراتنا الاجتماعية والنفسية والثقافية لتحديد أفعالهم وردودها والتي تسهم بشكل أو بآخر في تشكيل صراعات عديدة تؤدي بدورها إلى المساهمة في دفع خطوط الحبكة باتجاهات تحقق علاقة مع الجمهور سواء من القراء أو المشاهدين. ويبقى العنصر الأهم في كتابة نص سينمائي بطريقة إبداعية هو إنشاء عاطفة مع المتلقي والمحافظة عليها تقول "كالاس".. نظرية البنية العاطفية هي طريقة جوهرية وملائمة لكتابة السيناريو الإبداعي إذ يجب تسليط الضوء على تلك البنية بحيث تظهر لنا أن النص يمثل الضمير بحيث يكون الجمهور على صلة قوية بأفكار الشخصيات لدرجة يتمثلون عواطفها عبر تحريض الخيال والمحاكاة العقلية وشحذ الطاقة الدراماتيكية للمشهد. مضيفة ان السينما أكثر من أي فن آخر تجمع بين المستوى المعرفي والعاطفي لتنتج معجزة المعنى فبنية النص السينمائي لا يمكن أن تكون فقط أسلوباً للحبكة أو ما يسمى الحلقة المفرغة لسعي البطل بل يجب أن تكون هذه البنية عاطفية على وجه التمام ولاسيما انه ينبغي على الجمهور أن يدعم عالم الشخصيات بأسره ليكون قابلا للحياة بكل ما يعنيه ذلك من الألم والقدر الذين يترافقان معاً. وتؤكد المؤلفة الألمانية أن أسلوب العمل لدى الشخص المبدع في مجال الدراما ليس بهذه السهولة والجهد غير ذي جدوى.. يتطلب عمل هذا النمط الشعري من الكاتب الشيء الكثير لأن لديه مقدرة مذهلة نادرة بما يتعلق بتجسيد العمليات العقلية المتعلقة بأفعال الشخصيات عبر مزاج معتدل يجمع بين العاطفة والوضوح والثقافة وبالتحديد المقدرة الشعرية إضافة إلى معرفة الطبيعة البشرية والعلم الوثيق بالفيلم ومتطلباته. يذكر أن هذا الكتاب يحمل الرقم 236 من سلسلة الفن السابع التي تصدرها وزارة الثقافة بالتعاون مع مؤسسة السينما ويقع في 336 صفحة من القطع المتوسط.