انعكس الاكتظاظ (الازدحام) السكاني في العاصمة السورية دمشق على خلفية النزوح الداخلي نحو المناطق الآمنة في المدينة، على توافر شقق سكنية للإيجار وبدلاتها المالية، إذ أدت زيادة الطلب مع ندرة المعروض إلى ارتفاع الايجارات بنسب تجاوزت 100%. عادة قبل الأحداث التي تمر بها البلاد، كان من السهل إيجاد شقة للإيجار في دمشق ضمن منطقة قريبة من وسط المدينة بمقابل مادي مقبول، إلا أن حركة النزوح الداخلي من المناطق الساخنة بأطراف دمشق وبريفها، التي تقدرها أرقام رسمية بزيادة 60% من عدد السكان، أدى إلى قلة المعروض من الشقق، وارتفاع البدل المادي بدرجة كبيرة. وانتشرت في مناطق عدة في أطراف دمشق وريفها أعمال بناء مخالفة من دون أذون وموافقات رسمية، مستغلين أصحابها حالة الفلتان التي تصاحب الأوضاع في البلاد، من دون ملاحقة الجهات المختصة أو البلدية لهم. من جهته، أقر أبو عبدو صاحب إحدى المكاتب العقارية بأن هناك ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الإيجارات تجاوز أضعاف أسعارها السابقة، لكنه ألقى بالمسؤولية على المستأجرين الذين وافقوا من الأساس على دفع مثل هذه المبالغ. وأكَّد أبو عبدو أن الارتفاع طال أيضًا الشقق المؤجرة، ففي حال رفض المستأجر يتم إخراجه من قبل المالك، ويوجد هناك العشرات بدلاً منه، ويوافقون على السعر الجديد، ويبقى من دون منزل يقيم فيه، لذلك يضطر المستأجر في كثير من الأحيان للرضوخ. وتتباين الأسعار بين الشقق المفروشة والفارغة، وأوضح أبو عبدو أن الفرق يتراوح بينهما بدءًا من 10 آلاف ليرة وصعودًا بحسب المنطقة التي توجد فيها الشقة. وأشار إلى أنه حاليًا لا يوجد هناك شقق للإيجار لدى غالبية المكاتب العقارية، لذلك قلت الدخول بدرجة كبيرة، وفي حال توفرها فإنه يتم تأجيرها في غضون أيام، مع شروط دفع أشهر عدة سلفًا، إضافة إلى مبلغ تأمين أيضًا. ويُعزى سبب الفلتان في بدلات الإيجار إلى خلل قانوني، يتمثل في عدم وجود نص قانوني يُلزم مالك العقار المؤجر بالتقيد بتسعيرة أو تعرفة محددة بضوابط، بل السماح بإخضاع تأجير معظم العقارات لإرادة المتعاقدين، وفق مقولة "العقد شريعة المتعاقدين"، وقبل ذلك الفلتان الأمني و تراجع دور السلطات في السيطرة على الكثير من مفاصل الحياة العامة في البلاد. ويبدو غياب الدور الحكومي جليًا في العلاقة بين المؤجر والمستأجر، بما يخص تحديد قيمة الإيجار أو مدته، وبالتالي تحكم المالك  فيالأجرة واختيار أعلى سعر ممكن، مستغلاً الحاجة والطلب الشديد نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية في المناطق الأخرى. وتُقدِّر جهات حقوقية ومنظمات إنسانية ان حركة النزوح الداخلي تزيد على 5 ملايين من السوريين، فضلاً عن حوالي 4 ملايين إلى بلدان الجوار والخارج من أصل تعداد الشعب السوري، الذي وصل إلى حوالي 25 مليون نسمة قبل الثورة.