القاهرة – العرب اليوم
أقام المكتب الثقافي المصري في الكويت أمسية جديدة من أمسيات ديوان القراءة مساء أمس الثلاثاء تحت رعاية الملحق الثقافي المصري نبيل بهجت، الذي رحب بالحضور، وأكد على استمرار نشاط ديوان القراءة خلال الموسم الجديد، كما أعلن عن سلسلة ندوات جديدة يقوم بها الديوان بإشراف الكاتب إبراهيم فرغلي تحت عنوان "كيف نقرأ" يقدم من خلالها عددا من الكتاب والأكاديميين خبراتهم في القراءة وآلياتها وعلاقتهم بالكتاب.
وتقام أولى أمسيات هذا النشاط الإثنين المقبل، ويقدم الكاتب والشاعر المصري مهاب نصر محاضرة عن علاقته بالقراءة وخبراته في قراءات متنوعة بين الفلسفة والفكر واختلافها عن قراءة الأعمال الأدبية.
من جهته أدار إبراهيم فرغلي الأمسية التي خصصت لمناقشة رواية "قمر على سمرقند" للكاتب المصري محمد المنسي قنديل، والتي وصفها فرغلي بأنها من الأعمال الروائية العربية القليلة التي اهتمت بالآخر، حيث تلقي الضوء على رحلة الراوي المصري، "علي" إلى منطقة آسيا الوسطى وبالتحديد بين طشقند وبخارى وسمرقند حيث يلتقي بعدد من الشخصيات الغامضة والمثيرة للانتباه والذين يتبين لاحقا أن لكل منهم حكاية تكشف خصوصية الثقافة التي تتمتع بها جمهوريات آسيا الوسطى، أو الجمهوريات الإسلامية التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي، ومدى ما عاناه المسلمون في تلك المناطق قبل الانفصال، وبعده.
وفتح فرغلي باب النقاش للحضور الذين تنوعت رؤاهم في تناول الرواية، حيث رأى البعض أنها اتخذت شكلا سينمائيا، بعيدا عن أعمال المنسي السابقة، يبدو فيه وقد استلهم الإيقاع السينمائي.. بينما رأى البعض أنها رواية شديدة التشويق، وأنها نجحت في لفت انتباههم من بدايتها، بينما عاب أكثر من قارئ بعض المناطق التي رأوا فيها تطويلا غير مبرر.
وأوضح فرغلي أن الرواية امتلكت لغة جميلة واضحة، وبراعة في ترتيب الأحداث، ومزج التاريخ المعاصر والبعيد مع الواقع، وأنها قدمت تجربة سردية مهمة في بيان الكيفية التي يتحول فيها الفرد إلى ضحية للأنظمة المختلفة، في المجتمعات الشمولية، مضيفا مقاربات بين ما حدث في مصر وسمرقند في بعض المراحل التاريخية.
وأشار إلى أن الرواية امتلكت قدرات مهارية كبيرة من قبل المنسي قنديل في مباغتة القارئ باستمرار، ولكنه رأى في الوقت نفسه أن تأخير تناول الجزء المصري الخاص بالراوي إلى الثلث الأخير من العمل لم يكن موفقا، لأنه يفصل القارئ ويبتعد به إلى ثقافة أخرى تماما من دون أن يعرف حتى سبب وجود راو مصري في هذا الجزء المختلف من العالم، حتى يكاد ينسى أنه مصري أو أنه موجود من الأساس، لكن يحسب له الكيفية التي تابع بها التفاصيل الدقيقة لحياة البشر في هذه المنطقة التي تكاد تكون مجهولة تماما للقارئ العربي، وأوضح فرغلي أن الرحلات العديدة التي قام بها المنسي في ارجاء واسعة من العالم قد استثمرها في الرواية وفي تأكيد فكرة الاهتمام بالآخر كما فعل بنجاح في هذا العمل.
وتوقف بعض القراء عند ميلودرامية العمل وتركيزه على المآسي التي يعيشها تقريبا كل أبطاله، فالبطل الرئيسي طبيب عانى من سطوة أبيه العسكري الذي كان يريد لابنه أن يكون امتدادا له، ثم تذهب سطوة الرجل ويتعرض الإبن للاحتجاز من قبل جماعة صالح سرية التي حاولت القيام بأول عمل إرهابي في مصر لاغتيال السادات، ويقع في غرام فتاتين لكل منهما مأساة دامية، وكل من التقى في سمرقند كانوا كذلك ضحايا العنف والقهر سواء كان نورالدين سائق السيارة الذي تبين لاحقا أنه كان أحد رجال الدين التابعين للدولة الروسية قبل الانقلاب، ثم أصبح منفيا مغضوبا عليه، أو صديقه لطف الله الذي أعدم، أو حتى صديق والده العسكري الروسي الذي يعاني من تحول ابنته إلى فتاة ليل.
لكن الجميع أشادوا بالجهد الكبير الذي بذله المنسي قنديل في هندسة هذا العمل المميز