بيروت - لبنان اليوم
يبدو أن التهديدات الامنية في لبنان ترتفع اسهمها يوما بعد يوم والغليان في الشارع لم يعد بالسهل ضبطه وشبح الجوع والعوز بدأ يعيث في رماد النفوس بحثا عن الجمر مطلقًا العنان في آن للنبش في قبور الحرب واحداثها لعله يجد هناك بعض الفتات. والاخطر من ذلك أنه لا توجد مبادرات جدية نحو ترميم جسور الحوار بين السلطة والشعب وانما العكس هناك ارتهان وتفرد وتحكم من دون احتكام للقواعد والمبادىء التي نص عليها الدستور في رعاية حقوق المواطن في وطنه .
بالطبع قد يجد البعض في ذلك رسما سوداويا للواقع ولكن امام المنعطف الجديد الذي رسمته بعض القوى الحاكمة في ادائها السياسي وتحديدا "حزب الله" من خلال الاعلان عن معادلة جديدة للمواجهة من دون الافصاح عنها مقابل معادلة السلاح مقابل الخبز التي يراها في العقوبات الاميركية الاخيرة، فان من شأن ذلك أن يطرح علامات استفهام كثيرة وفي عدة اتجاهات تصب جميعها في خانة واحدة، وهي الى أي مصير يراد ان يؤخذ البلد باتجاهه ؟!
كل ما يمكن قوله في هذا الاطار إن معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي بنيت على قاعدة مواجهة العدو الاسرائيلي وحماية الارض والشعب يبدو أنه اضيف الى مقعد العدو فيها مقاعد اخرى لكن لأعداء جدد من نوع آخر، عبّر عنهم سماحة السيد نصرالله في خطابه بقوله لـ "الذي يضعنا بين خيارين : يا نقتلك بالسلاح يا نقتلك بالجوع " نقول له سيبقى سلاحنا في ايدينا ولن نجوع ونحن سنقتلك، نحن سنقتلك، نحن سنقتلك". بالطبع المعادلة الجديدة التي لم يفصح عن شكلها لا شك في أنها ستكون مدججة بالمحاذير في حال ذهبت في هذا الاتجاه سيما وان مطلب نزع سلاح "حزب الله" ليس من خارج الحدود فقط وانما هناك من في الداخل اللبناني من حمل مؤخرا شعارات المطالبة بنزع السلاح وتطبيق القرار ،1559 والذين ربما هم من قصدهم سماحة السيد في خطابه الاخير بـ"الجواسيس"، فكيف ستكون المواجهة في حال عودة هؤلاء إلى الشارع مجددا وماذا عن فتيل الفتنة والتعاطي معها في حال اشتعالها، وهو الذي وعد بنزول شباب "حزب الله" وحركة "امل" لمنع اي فوضى وحتى ولو اعتبرها البعض أمنا ذاتيا ؟!
كل ذلك ربما يعطينا مؤشرا على خلفية الحراك الكبير الذي تقوم به بعض القوى السياسية في اتجاهات محددة والدعوة للقاء الوطني التي تتحضر لعقدها الرئاسة الاولى في بعبدا، والتي ربما تحمل ابعادًا اخرى تتجاوز خطوط التهدئة والبحث عن حلول ناجعة للازمة الحالية، الى ما هو أعمق وبشكل يصب في صالح سياسية المواجهة التي اعلن عنها السيد نصرالله على خلفية دخول "قانون قيصر" حيز التنفيذ. ولكن هذه المرة ليس عبر تحقيق الاصطفاف جنبا الى جنب "حزب الله" في المواجهة وانما عبر السعي الى تحييد القوى السياسية بشكل تكون فيه في موقف محايد - اقله لضمانة عدم وقوفها في موقف المواجهة او العداء معه في معادلته الجديدة بما يؤمن للحزب مساحة داخلية معقولة بمظلة داخلية توافقية تمكنه من تمرير المرحلة.
قد يهمك ايضا:جعجع يعلن ربما أخطأنا بترشيح عون و"حزب الله" أَسَّسَ للقطيعة مع العرب
معارضون يردّون على نصر الله هكذا تماماً تُساق الإبلُ ولسنا بإبلٍ