بيروت - لبنان اليوم
تتساءل أوساط سياسية عن دلالة المواقف الأخيرة لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وتحديدًا الموقف الذي أطلقه يوم السبت قبل أيام من انعقاد طاولة الحوار الوطني المفترضة يوم الخميس في قصر بعبدا. فباسيل لم يوفر أحدًا في مؤتمره، وتقصد إظهار تمايزه عن "حزب الله" والمقاومة بمضمون نقدي ضمني.بدا خطاب باسيل استفزازيا تجاه القسم الأكبر من الطبقة السياسية، حلفاء وخصومًا، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعقّد انعقاد طاولة الحوار بدلًا من أن يسهل انعقادها، ربما يصح أن تقرأ هذه المواقف من زاوية أكثر خطورة تعكس الارتباك والتخبط الذي يحيط بمواقف "التيار البرتقالي" في لحظة التناقضات الكبرى وصعوبة التوفيق بينها.
في هذه اللحظة لم يعد لـ"التيار العوني" من حلفاء سوى "حزب الله". فعلاقته مع تيار "المستقبل" والحزب "التقدمي الاشتراكي" و"القوات اللبنانية" وتيار "المردة" وحزب "الكتائب" وبعض أحزاب 8 آذار، في ذروة تفاقمها وتعاني من تصدعات خطيرة صعبة الترميم على اختلاف التعقيدات التي تحيط بوضعية كل طرف على حدة؛ حتى العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي تبدو أنها تمر بمرحلة من الهدوء النسبي، إلا أنها مرشحة للتدهور في الأمد القريب بفعل الاختلاف الحاد على إدارة الملف التفاوضي بموضوع الحدود البحرية وترسيم الحدود البرية، حيث تتواتر المعلومات عن نية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استرداد هذا الملف من رئيس البرلمان عملا بصلاحياته الدستورية، وحيث تشير المعلومات أيضًا إلى أن وزير الخارجية السابق يميل إلى فصل ملفي الحدود البرية والبحرية عن بعضهما البعض على عكس ما كان الموقف الرسمي الللبناني الذي يقوم على وحدة الموقف التفاوضي بين الملفين.
من يمعن في قراءة موقف باسيل الأخير، يتراءى له احتمال ولادة خلاف جديد بين "التيار الوطني الحر" والرئيس بري يتعلق أيضًا بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والموقف من توحيد الأرقام بين الحكومة من جهة والمصرف المركزي والمصارف من جهة أخرى. فباسيل وكأنه انتقد دخول البرلمان على خط هذا الموضوع، معتبرًا أن هذا الملف من صلاحية السلطة التنفيذية، باشارته الى أن تحديد الخسائر عمل حكومي، ومحذرًا من أن دور المجلس يتهدد محاولات نيل لبنان المساعدات من صندوق النقد، وهو اتهام خطير في كل حال، وينطوي على دلالات بالتصعيد، تقول أوساط سياسية لـ"لبنان24".
في الواقع، كل محاولات الوزير باسيل لترميم علاقة "التيار الوطني الحر" بالأميركيين، وهي التي تجلت بوضوح على مدى مواقف كثيرة أطلقت في الفترة الماضية، لم تجدِ نفعًا حتى اللحظة، حيث يقول المطلعون إن الموقف الأميركي من باسيل وتياره والعهد لا يزال يندرج في إطار التقويم السلبي من دون أي تحسن يذكر رغم الرسائل الباسيلية، سواء عبر بعض مواقفه من الصراع مع اسرائيل أو من خلال بعض الشخصيات السياسية اللبنانية والاميركية على حد سواء؛ ومن الطبيعي في هذا السياق، أن يشكّل موقف نائب البترون من "قانون قيصر" والتحذير منه والتنبيه من مخاطره على لبنان ودعوته لاستثناء لبنان من تبعاته، مادة إضافية في ملف الحساسيات المتبادلة بين الأميركيين وبالتحديد الجمهوريين و"التيار العوني".
فهل تشهد الفترة المقبلة اصطفافات جديدة على قاعدة الموقف من تغيير الحكومة.. ربما، لكن الأكيد أن خيارات الجميع حرجة والحسابات المطلوبة دقيقة والالتباس سيد الموقف. لذلك يبدو أنه من الأسلم للجميع أن يتعاطى مع هذه المرحلة على أنها انتقالية لا تستدعي مواقف نهائية وقاطعة، بل تجميد الخلافات والإنصراف لمعالجة المشكلة المالية – الاقتصادية.
وسط ما تقدم، فإن العهد في وضع لا يحسد عليه، تقول الأوساط نفسها؛ ثمة شواهد كثيرة تدل على أن اللعبة قد أفلتت من يدي رئيس الجمهورية في البيت الداخلي عائليًا وحزبيًا وتحالفات، كما أن استجداء الحضور إلى لقاء بعبدا ليس مؤشر عافية والتخبط في إدارة الملف المالي لا يصيب الحكومة فقط انما أيضًا العهد، وهنا تجمع أغلبية الطبقة السياسية على تحميل باسيل جزءًا وازنًا مما يجري. فنائب البترون الذي يشير دائما الى محاولة اغتياله السياسي والمعنوي لا يكترث، على ما يبدو، لدوره ومواقفه وصراعته المجانية التي مهدت الطريق لاغتيال العهد نفسه، الذي عول عليه اللبنانيون للقبض على زمام الأمور وتحقيق الإنجازات المطلوبة والتصويب نحو الهدف في محاربة الفساد؛ علما ان المفارقة تكمن في أن الرئيس عون لم يقارب ما طرحه لا سيما في ما يتصل بمحاربة منظومة الفساد عندما قال إن "الدرج يُشطَف من فوق"، ربما لأن "التيار الوطني" ببعض مسؤوليه، كما تقول الاوساط، تكيّف بقوة مع تلك المنظومة.
قد يهمك ايضا:وزير الطاقة ريمون غجر يؤكد جبران باسيل "لا يمون عليّ"
الصندوق ينتظر توحيد الأرقام وباسيل يقترح بعاصيري مفاوضاً لواشنطن