بيروت - لبنان اليوم
أكّد الصحافي طوني عيسى أنه واقعيا لا توحي المؤشرات أنّ الأشهر المقبلة ستكون أفضل من الأشهر الفائتة. السبب واضح: لا حلَّ ممكناً إلّا بالإصلاح، لكن قوى السلطة ستتملّص من هذا الإصلاح، إلى ما لا نهاية، لأنّه يشكّل انتحاراً لها. وإزاء هذا التدهور، هناك ثلاثةٌ عُرضةٌ للسقوط: حكومة دياب، ثم عهد عون، ثم صورة لبنان القائم حالياً. وقد تشاء الظروف أن يسقط الثلاثة دفعة واحدة!
في الأيام الأخيرة، انشغلت القوى السياسية بملهاةٍ جديدة: إذا كان الأميركيون، والغربيون عموماً، يستغلّون ضعف لبنان ليشترطوا أن "لا مساعدات إلّا بالإصلاح"، فالحل جاهز: إنّه الصين. وفي رأي بعض المتحمّسين، أنّ "حلفاءنا هناك يبحثون عن أسواق جديدة، وسيساعدوننا بلا شروط، ونكاية بالأميركان"!
هذا المناخ، في تقدير الأوساط الخبيرة، سيكون مقدّمة لصدمة سياسية واقتصادية جديدة، تنتهي بمزيد من الإحباط. فالقوى السياسية التي تراهن اليوم على الصين، هي نفسها راهنت على روسيا، في النصف الأول من عهد الرئيس ميشال عون، في محاولة لـ"زكزكة" الولايات المتحدة وفرنسا لتحريك "سيدر" وسواه. وبلغت المحاولة ذروتها خلال زيارة عون لموسكو.
تلك المحاولة فشلت بسبب الاعتراض الأميركي القاسي، والتلويح بوقف المساعدات للبنان، بل تصعيد العقوبات. واليوم، "المناخ الصيني" مشابه. وصحيح أنّ بكين تعملقت في منافسة واشنطن أكثر من موسكو، فإنّ الاستعانة بها يجب أن تكون متعقِّلة وواقعية، كما يفعل الإسرائيليون. أما أن يضع لبنان رِجلاً في الشرق وأخرى في الغرب، فلا بدّ من أن ينفسخ!
فوق ذلك، تجزم الأوساط، أنّ الصين تشترط الإصلاح، كما الولايات المتحدة، لإطلاق مشاريعها. فمعروف عن الدولة الصينية أنّها تدخل الأسواق براغماتياً، وبعد دراسات دقيقة للأرباح. وهي تستغلّ فشل أي مشروع لتضع يدها عليه، فيصبح مُلكاً لها. والنماذج متعددة في دول آسيوية وأفريقية.فالأرجح أنّ "اللعبة الصينية" سرعان ما "ستفرط" في أيدي اللبنانيين، وسيكتشف طاقم السلطة أنّه خسر الغرب ولم يربح الشرق، وأنّ البلد دفع في المقابل أثماناً باهظة بسبب الغضب الأميركي، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر على المفاوضات الدائرة مع صندوق النقد والجهات المانحة الأخرى التي تمون عليها واشنطن.
وفي ظلّ استفزاز الأميركيين، ستكون العلاقة عسيرة مع الجهات الدائنة التي توقَّف لبنان عن الدفع لها. ويمكن توقُّع دعاوى قضائية تستهدفه، ومزيد من العقوبات. وفي هذه الأثناء، سيبلغ الاهتراء الاقتصادي والمالي والنقدي ذروته، بسبب تأخُّر الحلول. والدليل هو الانهيار الدراماتيكي لليرة في السوق السوداء، أي سوق التداول الحقيقية".
قد يهمك ايضا:"كورونا" والأوضاع المالية في لبنان ينقذان حكومة دياب من مصير التغيير
الخلافات الداخلية تزيد أعباء حكومة دياب والثورة تقرع الأبواب