بيروت - لبنان اليوم
في الكباش الكبير القائم بين "حزب الله" والولايات المتحدة الأميركية في لبنان، ومن خلفه صراع واشنطن طهران، يدخل النقاش عمّن يستفيد من الوقت ومن تمريره في صلب النقاش السياسي حول الأزمة الحالية، اذ تتفاوت الآراء كثيرًا في هذا المجال. يقول البعض أن الأميركيين ليس لديهم ما يخسرونه وهم يملكون الوقت كاملًا في حين ان البلدان المحاصرة ليست حرّة، بل تحتاج الى تسوية او الى حل لاستعادة بعض من قدراتها ولإطعام شعبها.
الوقت وفق اصحاب هذه النظرية حليف الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما قد يمنحها نصرا كاملا في هذه المعركة، لكن من يراقب سلوكيات الأطراف المتصارعة يرى أن العكس صحيح، اذ تسعى واشنطن الى تسريع حدة الإنهيار في حين يعمل "حزب الله" على الإحتواء وتمرير الوقت.
منذ 17 تشرين بدأ "حزب الله" يتلقى ضربات أميركية، غير أنه عمد منذ ذلك الوقت الى سياسة الإحتواء والإستيعاب، لم يقم بردات فعل ولم يستخدم أوراق قوته، وحصل ذلك ايضًا مع تسارع حدة الإنهيار. في قناعة الحزب ان الاميركيين يريدونه أن يزج نفسه بشكل مباشر في الصراع الداخلي وهو يعمل على تجنب ذلك.
نجح الحزب حتى اللحظة في تجنب الإنخراط المباشر في اي اشتباك داخلي او حتى في البدء في استعمال موارده في الصراع، الأهم انه نجح في الايام الماضية من خلال تصريحات امينه العام السيد حسن نصرالله، ومن خلال قرار القاضي محمد مازح في دفع الأميركيين الى استعجال الاعلان عن اهدافهم ومطالبهم، وهذا يحسب في معركة الرأي العام لصالح الحزب، اذ ان اظهار ما يحصل بوصفه حربًا اميركية يفيد الحزب في بيئته ويؤخر انفجارها جراء الأوضاع المعيشية، اذا هنا ايضًا يبحث الحزب عن الوقت.
لكن الأميركيين باتوا اكثر استعجالًا. من يرى المشهد كاملًا يعرف ان واشنطن اعطت تعهدًا واضحًا لطهران بالإنسحاب من سوريا والعراق، ويعرف ان الإيرانيين سيبدأون تفاوضًا جديًا مع واشنطن مع نهاية عهد ترامب (في حال خسارته)، وان الحزب ينتظر ان يصرخ حلفاء واشنطن اولًا جراء الازمة الإقتصادية، وهو يعد لذلك إمكانيات كبرى سيستخدمها في لحظة الإنهيار الكبير.
تريد الادارة الأميركية تحقيق نتائج سريعة قبل الانتخابات الرئاسية، هذا محسوم، اعلن عنه ترامب صراحة بطلبه من الايرانيين عقد صفقة معه قبل انتخابات الرئاسة، وهذا ينطبق على لبنان، اذ ان صمود الحزب وتحريكه بعض الأوراق وان كان اعلاميًا دفع وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو ومبعوث الشرق الاوسط دايفد شينكر والسفيرة الأميركية دورثي شيا الى التصريح والتأكيد على ان مساعدة لبنان تتطلب انسحاب الحزب من الحكومة اللبنانية، ما يعني ان الشروط التي كان يجب ان تفرض على الحزب عندما يأتي للمفاوضات بدأت تفرض باكرًا وتطرح اعلاميًا لتكون مدخلًا للتفاوض لا نتيجة له.
ووفق مصادر فإن الاسابيع المقبلة ستشهد قيام الحزب بكسب وقت اضافي عبر مجموعة من الخطوات، لكن الخطر يكمن في استعجال اسرائيل والادارة الاميركية تحقيق نتائج، فهل سنشهد تدخلًا عسكريًا اسرائيليًا بهدف الكسب السريع؟ قد يكون الامر مستبعدًا نظرًا لموازين القوى ولقواعد الاشتباك..
قد يهمك ايضا:الولايات المتحدة الأميركية تسحب صواريخ باتريوت من المملكة السعودية