بيروت - لبنان اليوم
بعد الزيارة الوزارية التي أجراها العراق إلى لبنان، بدأت الأوساط السياسية في الحديث عن اتفاق قريب قد يجمع البلدين يقضي بمقايضة السلع الغذائية بالنفط، تحت معادلة "النفط مقابل الغذاء".ولجأ العراق بمساعدة الأمم المتحدة بالاعتماد على هذا النظام الشهير في تسعينيات القرن الماضي، وتحديدًا بعد حرب الخليج، وذلك من أجل توفير الاحتياجات الأساسية للشارع في ظل العقوبات المفروضة آنذاك.ويعيش لبنان وضعًا اقتصاديًا صعبًا، في ظل انهيار عملة الليرة المحلية مقابل الدولار، وهو ما فاقم الأزمة الاقتصادية ودفع اللبنانيون لتنظيم عدة وقفات احتجاجية.
عماد عكوش، المحلل الاقتصادي اللبناني، قال إن "قانون قيصر زاد من أزمة لبنان لناحية قدرته على التصدير إلى الدول العربية عبر سوريا، حيث كان بالإمكان زيادة التصدير عن طريق الاستفادة من فارق سعر صرف الليرة بعد هبوط قيمتها بشكل كبير بالتالي اكتساب السلع اللبنانية لجاذبية انخفاض الكلفة مقارنة بسلع كثيرة لدول مجاورة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن "قانون قيصر عرقل هذه الإمكانية، وبالتالي فرض على لبنان اللجوء إلى مفاوضات مع الدول المحيطة أو شركائه التجاريين لمعالجة هذا الأمر، ومن هذه الدول العراق والذي يعتبر الشريك التجاري الأول من ناحية التصدير للبنان".
وتابع: "يبدو أن المفاوضات تتجه إلى عقد نوع من المقايضة بين البلدين عن طريق استيراد بعض المشتقات النفطية من العراق وبالمقابل تصدير سلع زراعية وغذائية له، على أمل أن يتحقق ذلك خلال الفترة القصيرة القادمة كون الاقتصاد اللبناني يعاني كثيرا من ندرة العملة الصعبة لديه".
وأكد أن "في المقابل تجرى المفاوضات مع سوريا لتخفيض رسم العبور للشاحنات والبرادات الكبيرة والتي زادت بشكل كبير مما يضاعف الكلفة على المنتج اللبناني، وهذان العاملان مرتبطان ببعضهما والعمل جاري على معالجتهما معا".
من جانبه قال فيصل عبدالستار، المحلل اللبناني، إن "البعض يظن أن طرح فكرة التعاون بين لبنان والعراق تحت عنوان النفط مقابل الغذاء هو استعادة لنفس الصورة التي كان عليها العراق بعد حرب الخليج".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المسألة لا تعني التطبيق الحرفي للكلمة، التعاون بينهما قديم وقائم، وهناك اهتمام عراقي على المستوى الشعبي بلبنان، حيث يفضل العراقيون الحضور للبنان والاستفادة بالخدمات الطبية والسياسية والتعليمية".
وتابع: "حجم الإنفاق العراقي في لبنان على المستوى غير الرسمي مهم جدا لاسيما في التعليم والسياحة والاستشفاء، وهذا الأمر يمكن أن يستفيد منه لبنان بشكل رسمي بدلًا أن يكون بشكل مفتوح من العراقيين كشعب، أن يكون هناك برتوكول تعاون بين الدولتين".
وأكد أن "في هذا الإطار وعندما زار الوفد الوزاري العراقي لبنان بحث كيفية استفادة البلدين من العلاقة، العراق بحاجة للخضار والفاكهة، ولبنان بحاجة للنفط الثقيل، حيث يستورد من الجزائر، وهو ما يعني المزيد من الكلف والعقبات".وأشار إلى أن "الاتفاق في حال تم إنجازه يستطيع لبنان أن يصدر كميات كبيرة من المزروعات، ويحصل على النفط الثقيل، ومن الممكن أن يكون ذلك انفراجة كبيرة للأزمة اللبنانية".
وأنهى حديثه قائلًا: "لكن لابد أن نسأل هنا عن الدور الأمريكي، والحاضر في لبنان والعراق بقوة، فهل يمكن للبنان كسر الإرادة الأمريكية، وكذلك العراق والمضي قدمًا في هذا الأمر، هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة".والخميس الماضي، زار وفد وزاري عراقي يضم وزراء النفط والتجارة والزراعة لبنان، واقترح الوفد على رئيس الحكومة اللبنانية تصدير النفط العراقي إلى لبنان مقابل منتجات زراعية وصناعية أخرى.
ويعيد هذا المقترح إلى الذاكرة قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 986 الذي عرف ببرامج "النفط مقابل الغذاء" والذي بدأ العمل فيه في العام 1996، وسمح للعراق باستيراد الغذاء والدواء في مقابل النفط إثر كوارث انسانية وأزمات اقتصادية اجتاحته عقب غزو الكويت.
نقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن القائم بأعمال السفارة العراقية في بيروت، أمين النصراوي، قوله إن "زيارة الوفد تأتي للتأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، ولتوطيد العلاقات العراقية اللبنانية، بجانب بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك بما ينعكس بالإيجاب على الشعبين الشقيقين".وأشار إلى أن "موضوع استيراد النفط العراقي من الجانب اللبناني، مقابل منتجات زراعية وصناعية متروك للقاءات الرسمية بين الجانبين".
قد يهمك ايضا:
"ترسيم الحدود اللبنانية" انعطافة عون الأميركية افتراقًا عن "حزب الله"
خرق قانون قيصر الأميركي يجرّ عقوبات قاسية على لبنان