بيروت - لبنان اليوم
كتب منير الربيع في "المدن": خيوط رفيعة تتحرك في موازاة دخول قانون قيصر حيز التنفيذ. من لبنان إلى العراق وسوريا وإيران، هناك توجه للبحث عن مسارب لتجنب الحصار الخانق.صلح الحسن الإيراني استدعاء العراق السفير الإيراني وتسلميه مذكرة احتجاج، يندرج في خانة الخطوات العراقية المستمرة لإقامة مسافة واضحة عن طهران.
في سوريا يستمر التصعيد ضد الإيرانيين، وهناك عمليات إعادة تموضع وانسحابات إيرانية من بعض المناطق والمواقع. وكان المرشد الإيراني قد استشهد بصلح الحسن، عندما أطلقت إيران سراح معتقلين أميركيين، مقابل إطلاق سراح معتقلين إيرانيين في الولايات المتحدة الأميركية.
لكن ماذا عن لبنان؟
بعد كل جلسة وزارية، لم تكن بيانات حكومة حسان دياب تشير إلى أنها تبحث قانون قيصر وتداعياته اللبنانية بحثاً جدياً. ولا إلى تقديمها صورة للأميركيين تبين أن لبنان يقارب المسألة بجدية. واللا مبالاة هذه ليست سوى هروب إلى الأمام، أو دفناً للرأس في الرمال.
ويحاول لبنان البحث عما يخفف الضغوط عليه بوصفه بلداً قاصراً. وذلك بطلبه من الولايات المتحدة الأميركية الحصول على بعض الاستثناءات في خطوات تقاربه من سوريا وتبادلاته معها، كي لا يكون عرضة للعقوبات. وخصوصاً في ملف استجرار الكهرباء والتبادل التجاري. وتلك تجربة يستمدها لبنان من الاستثناء الذي حصل عليه العراق قبل مدة، في ما يتعلق باستجراره الكهرباء من إيران.
مبادرات حسن نيّة
في مقابل هذه الاستثناءات التي يطمح لبنان إلى الحصول عليها، هناك استعداده لتقديم بعض التنازلات. فقانون قيصر المحكم يخضع لمعيار سياسي، والعقوبات تصدر غب الطلب السياسي وبالتدريج. لذلك، مع كل تنازل لبناني جدي يقدم، يمكن الحصول على استثناء أو تأخير للإجراءات، أو تجنّبها بشكل أو بآخر.
وكان لبنان قد أطلق أكثر من إشارة "حسن نية" للأميركيين: إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري. ويومها لم يكن إطلاقه يقابله ثمن مادي ملموس، إنما حسن نية فقط، وفي سبيل تجنب فرض عقوبات على شخصيات لبنانية أساسية في العهد. وربما إشارة أولى على طريق تبادل المعتقلين الحاصل بين إيران وأميركا، وقد تشمل رجل الأعمال قاسم تاج الدين. وهذا برزت أخبار عن احتمال إطلاق سراحه في الأيام المقبلة. وتشير المعطيات إلى أن إطلاق سراح تاج الدين، نوع من حسن النية أيضاً، ومؤشر إلى أن لبنان كلما قدم تنازل يمكن الحصول على ما يقابله.
تشاطر لبناني فاشل
بعد إطلاق سراح الفاخوري ظن كثر في لبنان أن الخطوة تخفف بعض الضغوط الأميركية. لكن الأميركي مضى في تشديد ضغوطه. لذا وصل اللبنانيون إلى قناعة بأن الأميركيين، كلما حصلوا على تنازل، إنما يكثفون ضغوطهم للحصول على المزيد.
وهذا أسلوب آخر يعتمده الاميركيون: عدم إعلان مطالبهم لأكثر من مر واحدة. وهذا ما تجّلى منذ شهر أيلول 2019 حتى اليوم. مثلاً، كان الأميركيون يطلبون ترسيم الحدود، فلم يوافق لبنان، وأخذ يراهن على تقطيع الوقت. وعندما فوتح الأميركيون مجدداً برغبة لبنان في الترسيم، لم يعروا الأمر أي اهتمام. وهذا ما تكرر حصوله في شأن المعابر البرية. واستمر الأميركيون في تكثيف ضغوطهم، لحمل اللبنانيين على السعي خلفهم لإقناعهم بالتفاوض، بعدما كان التفاوض مطلباً أميركياً.
حزب الله بين عون وبري
اليوم يعتبر اللبنانيون أن الذهاب إلى التفاوض على ترسيم الحدود البحرية، يمكن أن يجنّب لبنان ضغوطاً كثيرة، ويشكل متنفساً في وجه العقوبات القاسية. لذا يبحث اللبنانيون عما لديهم من أوراق لتقديمها تمهيداً للمفاوضات وتخفيفاً للضغوط عليهم.
هنا تكشف مصادر متابعة أن الرئيس ميشال عون متحمس لمفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل. وهو يريد حمل هذا الملف على عاتقه، وسحبه من يد الرئيس نبيه بري. فالانتهاء من ترسيم الحدود يريح عون إلى حد بعيد. وإنجاز الترسيم يجعله الحامل لراية التطبيع والتواصل مع المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية.
لكن هناك من يعتبر أن حزب الله لا يمكنه التنازل لأحد سواه في مفاوضات الترسيم، أو لا يمكنه سحب الملف من يد الرئيس نبيه بري. لأن ذلك يحرجه ويفتح باباً للمزايدة عليه في موضوع أساسي واستراتيجي. أي ورقته الأخيرة في مسألة العلاقة والمواجهة مع إسرائيلي.
وفي حال إنجاز الترسيم، يصير الكلام عن سلاح حزب الله وصواريخه تفصيلاً. ولا شك في أن هذا الملف عنوان خلافي كبير بين عون وحزب الله في المرحلة المقبلة، وفي ظل الضغوط الأميركية، إلا إذا سبق الخلاف بينها اتفاق كبير.
قد يهمك ايضا:"قانون قيصر" بين ناصيف حتي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا
نصر الله يُهاجم "قانون قيصر" الأميركي ويرفض معادلة "السلاح مقابل الطعام"