بيروت - لبنان اليوم
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، وألقى الراعي عظة بعنوان "يا يوسف قم خذ الصبي وأمه واهرب به الى مصر".
وقال: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، لنجدد فيها إيماننا بالله وبعنايته. فهو لا يترك المؤمنين المخلصين فريسة للأشرار، ولن يترك الوطن وشعبه سلعة لأصحاب المصالح الخاصة والنوايا المبيتة. لذا يجب الإصغاء لصوته وإلهاماته بموجب إرادته الخلاصية كما فعل مع يوسف الذي أوحى إليه في الحلم أربع مرات: الأولى، ليأخذ مريم امرأته فهو زوجها والأب الشرعي لابنها الإلهي (متى20:1)؛ الثانية، ليهرب بالصبي وأمه إلى مصر لينقذ حياته من قرار هيرودس (متى2:13)؛ الثالثة، ليعود بهما إلى اليهودية (متى2: 19-20)؛ والرابعة، ليذهب إلى الجليل ويسكن في الناصرة (متى2: 22-23)".
وتابع: "المسيح الإله الملك الجديد، الذي صار إنسانا في الفقر والتجرد، بدل مفهوم السلطة فجعلها خدمة وتفانيا وذبيحة ذات من أجل الجميع (راجع متى 28:20)".
أضاف: "من هذا المنطلق الجديد لمفهوم السلطة، ومن الزمن الجديد الذي أدخل فيه الرب يسوع البشرية، نرى وكأن وطننا دخل منذ 17 تشرين الأول الماضي في مخاض لولادة "لبنان الجديد". إن تضحيات شباب وصبايا هذه الانتفاضة الوطنية الإيجابية، توجب إعطاءها قيمتها، لكي لا ندفع بهم الى اليأس من تحقيق آمالهم وطموحاتهم في رحاب الوطن، فتتحول عندئذ إلى انتفاضة سلبية هدامة. لذلك ها نحن نكرر تأكيد مطلبهم في تشكيل حكومة مستقلة عن الأحزاب السياسية، تجمع فريقا متجانسا من الاختصاصيين الكفوئين والنزيهين، لوضع خطة إنقاذ وتنفيذها، تحت إشراف المجلس النيابي، الذي يمثل كل مكونات المجتمع اللبناني. لم يعد لدينا المجال للمغامرة، فلا التاريخ ولا شعب لبنان المنتفض من أجل كرامته وحقوقه ولقمة عيشه يمكنهما أن يرحما بعد الآن التلاعب بمصير وطننا وشعبه".
وشدد على أن "هذا الزمن الوطني الجديد يتطلب منهجية جديدة في العمل السياسي، ترفض ذهنية المحاصصات السياسية بإسم الطوائف والمذاهب، التي أفقدت الوطن مقدراته، ورمت بالشعب تحت خط الفقر وفي خطر المجاعة. ينبغي أن تستند هذه المنهجية الجديدة إلى المهنية والشفافية في العمل الحكومي المنتظر لإنقاذ الوطن، على ما قال السيد المسيح: "لا أحد يقتطع رقعة من ثوب جديد، ويرقع بها ثوبا باليا، وإلا فإنه يمزق الجديد، والرقعة التي يقتطعها منه لا تتلاءم مع الثوب البالي" (لو36:5)".
وتابع: "كلنا مدعوون إلى التجدد والعبور من زمن المحاصصات الطائفية إلى منطق دولة المواطنة الحاضنة للتنوع التي ترفض أن نتقاسم الوطن ومقدراته بإسم الميثاقية، فهذه تقوم على الشراكة في تحقيق وحدة الوطن وخير شعبه بطريقة خلاقة ومبدعة. فلبنان لا يحكم لا بالغلبة ولا بالهيمنة، ولا بالمواجهة، ولا بحكومة اللون الواحد. بل يجب ألا يشعر أي مكون أساسي في لبنان بأنه مقصى أو مهمش. بل يجب استيعاب الجميع من أجل قيام الوطن اللبناني بمؤازرة الجميع، وبنجاح الحكومة الجديدة في هذا المسعى".
وختم الراعي: "لننفتح جميعا للزمن الجديد الذي دشنه المسيح الرب، ونعمل كلنا بروح المسؤولية من اجل ولادة لبنان الجديد من قلب المحنة السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي بلغت ذروتها. فنرجو أن تتم في وطننا كلمة الرب يسوع: حبة الحنطة إذا وقعت في الأرض وماتت، أعطت ثمرا كثيرا (يو24:12)".
قد يهمك ايضا:
سباق مع الوقت للإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية قبل بَدء عام