الأوضاع في سورية

لم يكفِ سكان سورية ما يعانوه من ويلات الحرب والقصف والقصف المضاد، وحالات الحصار والجوع والتهجير والأمراض والموت في البحر، حتى برز قاتل جديد يطالب بحصته من أرواح السوريين من كل الأعمار والانتماءات؛ هو الأطعمة والأدوية غير الصالحة للاستخدام الآدمي والمغشوشة والمنتهية الصلاحية، التي غزت الأسواق السورية في الفترة الأخيرة وتسببت في موت المئات.

واستغل بعض تجار الأزمة في سورية وغياب الرقابة الحكومية وعوز المواطن، في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية وحالة الانفلات الأمني في بعض المناطق، لتمرير بضائعهم الفاسدة وبيعها، بغض النظر عن المخاطر الصحية على المستهلكين.

ففي دمشق، وهي أحد أكثر مدن سورية استقطابًا للنازحين، تفنن التجار في عمليات الغش لتلبية الطلب المتزايد على الطعام الرخيص، وتم اكتشاف بعض حالات الغش بعد موت عدد من السكان، كفضيحة المياه المعدنية المعبئة من بئر ملوث بمياه الصرف الصحي، والمرتديلا المصنوعة من بقايا حيوانات نافقة، والمعلبات المنتهية الصلاحية المعاد تغليفها، وتسببت هذه الحالات في وفاة أكثر من 40 مواطنًا خلال 2015.

وانتشرت مؤخرًا ظاهرة بيع اللحوم المفرومة مجهولة النوع والمصدر وتاريخ الصلاحية في أسواق محافظات حلب واللاذقية ودمشق، حيث يضطر السوريون إلى شراء هذه البضاعئع لعدم قدرتهم على دفع سعر اللحم البلدي.

وتباع هذه اللحوم دون شهادة مصدر، وفي أماكن غير معدة أساسًا لبيع اللحم (بسطات)، وتسببت في موت 16 شخصًا حتى الآن، كما رجح بعض الأطباء أن تكون هذه اللحوم هي مصدر انتشار مرض أنفلونزا الخنازير في بعض مناطق البلاد مؤخرًا، ما تسبب في وفاة 34 شخصًا في حلب واللاذقية.

وتسبب الغش الدوائي في موت عدد غير معروف من السوريين خلال العام الماضي، ولم يتم توثيق سوى 19 حالة تسببت بها أدوية مغشوشة، في الوقت الذي يؤكد فيه أطباء أن جميع الحالات المشكوك بأمرها هي حالات مؤكدة للوفاة بسبب أدوية مغشوشة.

ولم يتوقف الغش عند المواد الغذائية والأدوية، بل تعداه إلى الصناعات البسيطة، حيث تسببت المدافئ سيئة الصنع في مقتل 26 مواطنًا بينهم 18 طفلًا، ما بين حرائق المنزل أو اختناق الضحايا وهم نيام.

واعترف رئيس جمعية جماية المستهلك، عدنان دخاخني، بأن الحكومة غير قادرة على ضبط الأسواق، وأكد أن المواطن السوري وقع فريسة طمع التجار وتخاذل الرقابة الحكومية عن القيام بدورها.