شواطئ تركيا

وصلت جثته وحيدة إلى شواطئ تركيا بعد معركة مع أمواج البحر وظلماته، لم تقوى عظامه الغضة وجسده الرقيق على مقاومتها فأعلنت انتصارها الكبير على طفولته ورمته على الشاطئ، معلنة تضامنها مع صناع الحروب ومباركتها لوثيقة سفك الدم التي لم توقع اﻻ في سورية.
بدأت قصته وصوره تملأ مواقع التواصل الاجتماعي لتنضم إلى آﻻف الصور التي وثقت جزءا من المعاناة ودمار الإنسان السوري على أبواب الهجرة التي أذاقته شكلا جديدا من أشكال الموت والذل على الحدود.

فالأطفال السوريون أصبحوا ضمن خيارين إما الموت غرقا أو الوصول إلى ارض الأحلام السعيدة كما يراها ذويهم الذين آثروا أن يزجوهم في معركة غير متكافئة  مع الغدار ويقذفوا بهم إلى المجهول هربا من أتون حرب استعرت فأفقدتهم مساكنهم وحياتهم وأمانهم ومستقبلهم دون أن يعرف لها نهاية.
ورغم بشاعة هذه الصورة وأمثالها التي أصبح ﻻ يمر يوم اﻻ وتكون بطلة مواقع التواصل الاجتماعي اﻻ أن المتابع على الأرض يرى أن موجة الهجرة في ازدياد ﻻ تناقص وان مبنى الهجرة والجوازات في دمشق أصبح قبلة الشباب السوريين التي تستقبل كل يوم المئات من الطلبات للحصول على جواز سفر أو بالأحرى جواز موت.

ولم يعد حلم رحلة اللاعودة يفرق بين طبيب أو مهندس أو محامي أو حتى شاب بلا عمل فوعود المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل التي أصبحت تمثل للسوريين مارد المصباح بالحياة السعيدة والهروب من واقع لم يعد يطاق هو الهدف الأول للشباب السوري.
ولكن إلى متى سيبقى الأطفال ضحية هذا الحلم ومتى ستتمكن هذه الصور من إيقاظ ضمائر أطراف الصراع للعمل على إيجاد حل يوقف دوامة الموت في الداخل والخارج.