فيينا – العرب اليوم
أظهر تقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، أن إيران لم تتعامل بعد مع كل الشكوك حول احتمالية إجرائها أبحاثا عن القنبلة النووية، الأمر الذي قد يعرقل مساعي القوى الست للتوصل لاتفاق نووي مع طهران بحلول نهاية يونيو (حزيران) المقبل.
جاء ذلك بالتزامن مع إعلان وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية، أمس، أن «مفاوضين إيرانيين وأميركيين سيستأنفون المحادثات بشأن برنامج طهران النووي في جنيف يوم الجمعة لتقليص الخلافات المتبقية» بهدف إنهاء مواجهة عمرها 12 عاما مع القوى. وذكر التقرير السري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي حصلت وكالة «رويترز» على نسخة منه، أن طهران تواصل الامتناع عن التعاون الكامل بشأن مسألتين في تحقيق طويل للوكالة كانت قد التزمت بتسليمه في أغسطس (آب) الماضي. وقالت الوكالة «لم تقدم إيران أي تفسيرات تمكن الوكالة من التحقق من الإجراءات العملية العالقة»، في إشارة لمزاعم عن اختبار متفجرات وأنشطة أخرى قد تستخدم لتطوير قنبلة نووية.
ويعتبر دبلوماسيون غربيون هذا التأخير مؤشرا على عدم استعداد إيران للتعاون بشكل كامل حتى يتم رفع العقوبات في المحادثات مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا. وصدرت الوثيقة المتعلقة بتحقيق الأمم المتحدة الذي يجري بالتوازي مع محادثات القوى الكبرى للدول الأعضاء في الوكالة قبل أسابيع من مهلة نهائية تنقضي في مارس (آذار) المقبل للتوصل لاتفاق إطار بين إيران والقوى الست.
وقال دبلوماسي رفيع المستوى إن «المدير العام للوكالة، يوكيا أمانو، وعباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين ونائب وزير الخارجية، سيجريان اجتماع سياسة في فيينا الأسبوع المقبل».
وتنطلق في جنيف، اليوم، جولة جديدة من مفاوضات الملف النووي الإيراني بين وفدي الولايات المتحدة برئاسة وكيلة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، ووفد إيراني. وأعلن مفاوض إيراني، أمس، أن وزيري خارجية إيران محمد جواد ظريف والولايات المتحدة جون كيري سيلتقيان يوم الأحد المقبل في جنيف للانضمام إلى المفاوضات الثنائية حول البرنامج النووي الإيراني. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إن ظريف وكيري «سينضمان يومي الأحد والاثنين إلى المفاوضين لمواصلة المحادثات» التي تبدأ اليوم على مستوى المساعدين. وتابع أنه «في ختام هذه الأيام الأربعة من المفاوضات الثنائية بين الوفدين الإيراني والأميركي حول الملف النووي، سيكون من الممكن مواصلة المفاوضات بمشاركة جميع أعضاء مجموعة 5+1».
وتجري الدول الست (الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا) مفاوضات حول اتفاق تاريخي يضمن اقتصار البرنامج النووي الإيراني على التطبيقات المدنية والسلمية لقاء رفع العقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الإيراني. ويلتقي عراقجي اليوم وغدا المسؤولة الثالثة في وزارة الخارجية الأميركية وندي شيرمان لخوض جلسة المفاوضات الجديدة.
وأعلنت الدبلوماسية الأميركية قبل أمس أن «المحادثات الأميركية الإيرانية التي تشكل ركيزة المفاوضات بين الدول الكبرى وإيران ستجرى أيضا برعاية الدبلوماسية الأوروبية»، وستشرف عليها مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي هيلغا شميت.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية قبل أمس إن «شيرمان ستقود وفد واشنطن في محادثات جنيف، وإن مشاورات ثنائية تجري في سياق المفاوضات الأوسع مع إيران». ولا تزال هناك خلافات كبيرة بين إيران ومجموعة «5+1» حول الإجراءات المحددة لإنهاء مواجهة مستمرة منذ 12 عاما حول برنامج طهران النووي. وسبق أن تم تجاوز مهلتين حددتا لإبرام اتفاق نهائي منذ توقيع اتفاق مؤقت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013.
والتقى ظريف نظيره الأميركي مرات عدة، كان آخرها في دافوس بسويسرا، ثم في ميونيخ بألمانيا، وذلك على هامش اجتماعات دولية استضافتها هاتان المدينتان في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط). وتنتهي المهلة الجديدة في 31 مارس من هذا العام لإبرام اتفاق سياسي، يليه اتفاق نهائي يحدد التفاصيل التقنية الأخيرة ويبرم قبل الأول من يوليو (تموز) من هذا العام.
وفشل مفاوضو إيران وست قوى عالمية في التوصل لاتفاق قبل مهلة حددوا نهايتها في نوفمبر من العام الماضي. ومنذ ذلك، اجتمعت إيران ومجموعة «5+1» في جنيف في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2014، وقال عراقجي بعد الاجتماع «اتفقنا على استئناف المحادثات الشهر المقبل».
يذكر أن إيران اجتمعت مع مجموعة الست في جنيف بين 15 و18 يناير من هذا العام، وتم تأجيل المحادثات إلى اليوم. إلا أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أبدى مطلع فبراير الحالي معارضته لهذا الجدول الزمني على مرحلتين. وقال خامنئي «أثبتت التجربة أنها وسيلة للدول العظمى للنقاش حول كل التفاصيل.. وأي اتفاق لا بد أن يتم في مرحلة واحدة ويتضمن الإطار العام والتفاصيل.. ويجب أن يكون واضحا وليس موضع تأويلات».
وكان الاتفاق المرحلي الموقع في نوفمبر 2013 في جنيف تم تمديد في نوفمبر الماضي إلى نهاية يونيو المقبل «وهذا يعني أن المهلة أمام المفاوضين حتى نهاية يونيو»، كما قالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم. وترى واشنطن أنه من غير المجدي مواصلة المباحثات بعد 31 مارس في غياب خطوط أساسية أو معالم اتفاق سيتم خلال الفترة المتبقية. وبموجب الاتفاق النهائي ستقبل إيران تقليص قدراتها لتخصيب اليورانيوم وقبول عمليات تفتيش الوكالة الدولية دون قيود للمساعدة في ضمان أنها لا تستغل برنامجها النووي في تطوير قنابل. كما تريد القوى من إيران الإجابة عن كل أسئلة الوكالة لبناء الثقة في طموحاتها النووية. وفي المقابل سترفع العقوبات على التجارة الدولية والقطاع المالي التي عرقلت اقتصاد الجمهورية الإسلامية الذي يعتمد على النفط.