طهران - العرب اليوم
خرج الرئيس الايراني حسن روحاني منتصرا من المحادثات النووية عقب ابرام الاتفاق بين بلاده والدول الكبرى لكن عليه ان يعالج تحديات سياسية داخلية همشت لوقت طويل اذا ما اراد ان يعزز سمعته كشخص معتدل. وهيمنت المحادثات النووية على اول سنتين من رئاسة روحاني واتاحت له المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة البدء في تغيير العلاقات الدولية الايرانية. لكن مهمة انهاء الخلاف النووي ومعارضة المتشددين الايرانيين للنهج الدبلوماسي، طغت على اجندته الداخلية القائمة على الاصلاح.
ومنذ أن اجرى روحاني مكالمة هاتفية مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في ايلول/سبتمبر 2013 كانت الاولى منذ الثورة الاسلامية الايرانية في 1979، وصف الرئيس الايراني بانه سياسي قادر على احداث التغيير. وبعد ابرام الاتفاق النووي مع الدول الكبرى يشعر الايرانيون بالارتياح، الا انهم لم ينسوا الوعود الاخرى التي اطلقها روحاني قبل انتخابه، بحسب ما يرى المحلل السياسي داود هيرميداس بافاند. وقال بافاند المحاضر في جامعة طهران ان الحكم الاخير على روحاني، المعتدل في بلد يتبنى نظاما محافظا قويا، سيكون بشان القضايا الداخلية الصعبة. واوضح ان "الاتفاق بث مشاعر السعادة لا شك في ذلك، ولكن مجتمعنا يعاني من مشاكل كبيرة". واكد "اعتقد ان روحاني اصبح اقوى الان، ولكن المشاكل ليست اقتصادية فحسب بل انها تشمل كذلك السجناء السياسيين".
وقبل انتخابه قال روحاني ان هناك حاجة لمعالجة مسالة السجناء لا سيما الذين اعتقلوا بعد اعادة انتخاب الرئسي السابق محمود احمدي نجاد في 2009. وصرح روحاني في تجمع انتخابي "امل انه بعد عام من هذه الانتخابات سيتم الافراج ليس فقط عن الذين فرضت عليهم الاقامة الجبرية، بل كذلك المسجونين منذ 2009".
وجاءت تصريحاته عقب سؤال وجهه له الطلاب حول ما سيفعله بشان حسين موسوي ومهدي كروبي، المرشحان الرئاسيان الاصلاحيان الخاضعان للاقامة الجبرية واللذان طعنا في صحة انتخابات 2009. ولقي موقف روحاني قبولا لدى الناخبين من الحركة الاصلاحية التي قمعت بعد 2009. ومؤخرا فقط وبعد تشكيل حزبين سياسيين جديدين، بدأ الاصلاحيون في الظهور مجددا. الا ان روحاني لم يعالج بعد هذه المسالة، واتهم بعض انصاره، ومن بينهم وزراء في حكومته، بدعم الفتنة، وهو المصطلح الذي يستخدمه النظام لوصف احتجاجات الشوارع التي اندلعت بعد انتخابات 2009 التي قتل فيها العشرات.
ورغم ان الاتفاق النووي الذي سيؤدي الى رفع العقوبات عن ايران ويمهد الطريق لتحسن اقتصادها، يعد انجازا كبيرا، الا ان على روحاني ان يعمل بجد اكبر لخلق جود سياسي اكثر شمولية، بحسب بافاند. وقال بافاند "لقد فتحت ستارة جديدة، وعلى روحاني ان يستغل هذه الفرصة (...) اذا اراد ان يصبح رجلا يصنع التاريخ، لا يمكنه ان يحصر نفسه فقط في الحفاظ على منصبه. عليه ان يجازف". ويمكن ان تشكل الانتخابات البرلمانية التي ستجري في شباط/فبراير 2016 نقطة تحول. فمنذ توليه منصبه واجه روحاني مقاومة من البرلمان المحافظ في عدة قضايا ومن بينها المحادثات النووية، وكذلك من المؤسسة الدينية النافذة في البلاد.
الا ان الدعم الشعبي والزخم السياسي الذي تحقق من التوصل الى الاتفاق النووي والذي تم التوصل اليه بفضل دعم المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي، يشكل فرصة لحلفاء الرئيس لخلق الظروف المناسبة للناخبين لانتخاب برلمان اكثر اعتدالا العام المقبل. يقول سعيد لايلاز الخبير الاقتصادي والمحلل الاصلاحي انه بدلا من تكريس وقته لكسب الاصلاحيين، على روحاني ان يستخدم نفوذه داخل النظام قبل الانتخابات.
وفي اشارة الى مجلس صيانة الدستور الذي يصادق على المرشحين، قال لايلاز "الاتفاق النووي هو انتصار كبير لروحاني وهو يستطيع ان يستخدمه لخلق ائتلاف من الاصلاحيين ومن هم في منتصف الطريق. وسيحاول التفاوض مع المجلس لقبول مرشحين اكثر اعتدالا. هذا هو اهم عمل له".
كما سينشغل روحاني الذي يواجه معركة اعادة انتخابه في 2017، في خلق المزيد من الوظائف بفضل الاتفاق النووي بعد سنوات من تدهور الاقتصاد وارتفاع نسبة البطالة. وقال لايلاز "عليه ان يبدأ الان في التفكير في الجولة الثانية كرئيس". ويمكن طرح الاتفاق النووي كذلك كمنصة لاحداث التغيرات الداخلية، بحسب ما يرى امير محبيان المحلل المحافظ الذي يعتقد ان ايران يمكن ان تستفيد من الاصلاح.
وقال ان "روحاني احدث تغييرا جذريا. فمنذ البداية كان المحور الرئيسي لخططه هو التوصل الى اتفاق مع الغرب حول البرنامج النووي (...) والان يبدو انه يستطيع ان يقول للمجتمع الايراني انه نجح في تحقيق اول خططه