مخيمات النازحين في العراق

يعاني نازحون عراقيون من محافظة الأنبار، وضعا مأساويا بعد هطول موجة أمطار عارمة على مخيماتهم في أطراف العاصمة بغداد، حيث وجد نساء وأطفال وشيوخ أنفسهم تحت قسوة الأمطار والبرد الشديد، لاسيما أن جميع مخيمات النازحين من الأنبار وصلاح الدين في الدورة والغزالية والقريبة من السليمانية وأربيل غمرتها مياه الأمطار، مخلفة وضعًا وصل إلى حد "الكارثة" الإنسانية، بحسب تصريحات مسؤولين عراقيين.

وناشد النازحون، الجهات الأمنية والحكومة المركزية السماح لهم بالعودة إلى محافظتهم، (110 كم غرب العاصمة بغداد)، على الرغم من المعارك التي تشهدها ضد "داعش"، هربًا من "جحيم" المخيمات، ليموتوا بـ"كرامة" بدلًا من "الذل والمهانة" التي يتعرضون لها بسبب "إهمال المسؤولين وعدم مبالاتهم".

وأكدت النازحة من محافظة الأنبار، إلى منطقة أبو غريب، غرب بغداد، أم عثمان: "لم استطع تمالك أعصابي عندما هطلت علينا الأمطار الغزيرة فجأة وإغراقها خيمتنا ذات الأرضية الترابية، مما اضطرني إلى حمل إحدى الحقائب الخاصة بالأغطية، ووضع ابنتي فيها لحمايتها منها ومن شدة البرد".

وأضافت أم عثمان: "عندما هرعت مع أولادي إلى خارج الخيمة لم أستوعب الحالة التي رأيتها حيث كان النازحون في المخيم كلهم خارج خيمهم من دون أن يعرفوا إلى أين يذهبون، أو يختبئون من المطر والسيول، حتى سمعت صراخ أحدهم وهو ينظر باتجاه ما تحمل يداي، وساعتها تذكرت أني وضعت ابنتي في مكان مغلق فاستنجدت بذلك الشخص الذي سارع إلى سحب ابنتي بعد فتح غطاء الحقيبة ليعيد إليها الروح بعد إجراء بعض الإسعافات الأولية".

وأوضح النازح الأنباري، حسن الدليمي، أنَّ "المطر فاقم من معاناة النازحين وكشف مجددًا حجم الإهمال الذي يعانونه"، مضيفًا أن "المطلب الوحيد للنازحين حاليًا يتمثل بالعودة إلى مناطقهم برغم كل ما تتعرض له من قصف ومعارك ودمار، حيث يمكن أن يموتوا بكرامة أفضل من الذل والمهانة التي يتعرضون لها بسبب عدم مبالاة المسؤولين".

وأشار الدليمي، الذي يعيل عائلة مؤلفة من ثمانية أفراد، أحدهم رضيع، إلى أنَّ "غالبية النازحين، وأنا منهم، لم يعد بإمكانهم توفير المال اللازم لإطعام عائلاتهم أو استئجار مكان مناسب لها"، ويطالب الجهات المعنية بضرورة "السماح للنازحين من الأنبار العودة لمحافظتهم ليتدبروا أمورهم بأنفسهم".

بدوره يقول النازح ، كريم الجميلي، إن "الحكومة غير جادة بتقديم المساعدة للنازحين من دون استثناء"، ويعد أن "الأموال التي خصصت لمشاريع إقامة كرفانات للنازحين سرقت أو أهدرت بنحو مريب".

وتساءل الجميلي: "أين هي إجراءات الحكومة لوقاية النازحين من أمطار الشتاء وبرده"، ويضيف "ألم يكن المسؤولون يعلمون بقدوم فصل الشتاء وما هي التدابير التي قاموا بها تجاه أكثر من مليون نازح غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن".

وأبرز محافظ الأنبار صهيب الراوي، خطورة الوضع والمشكلة الإنسانية الكبيرة التي يعاني منها النازحون، مطالبًا الحكومة المركزية بضرورة الإسراع في تقديم يد العون إلى خلية الأزمة التابعة للمحافظة
وبيَّن الراوي أنَّ "خلية الأزمة التابعة لمحافظة الأنبار تقوم الآن بجهد كبير لتقديم الخدمات الطارئة للنازحين في المخيمات"، مجددًا مطالبته للمجتمع الدولي بالوقوف مع العراق ومحافظة الأنبار لتجاوز هذه الأزمة الكبيرة، مشيرا إلى تواصله مع الحكومات المحلية وخصوصًا محافظة بغداد لإغاثة النازحين وإيجاد الأماكن البديلة لهم، متوجهًا بشكره لجميع من ساهم منهم في إغاثة النازحين، ومشيدًا بالدور البارز الذي قامت به قائممقامية أبو غريب .

وطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بضرورة أن تستنفر أمانة بغداد والدوائر جميع إمكانياتها لتخليص المواطنين من مياه الأمطار وغرق الشوارع والمنازل وتوفير كل المتطلبات اللازمة لإنهاء معاناة المواطنين في أسرع وقت.

ووجه العبادي "الجهات ذات العلاقة لإعادة تأهيل مخيمات النازحين بشكل سريع وتوفير الأغطية والمفروشات والمواد الغذائية والإغاثية لهم وبشكل فوري".

    وكانت الهيئة العامة للأنواء الجوية العراقية، توقعت في الـ27 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، هطول أمطار غزيرة مصحوبة بزوابع رعدية، في مختلف مناطق العراق، مع انخفاض درجات الحرارة، خلال الأسبوع الجاري، عازية ذلك إلى تأثير امتداد المنخفض الجوي الناجم عن اندماج منخفض البحر الأبيض المتوسط مع امتداد البحر الأحمر.

يذكر أن مناطق عديدة من العاصمة بغداد، فضلًا عن المحافظات، تتعرض للغرق مع كل موسم أمطار، برغم وعود أمانة بغداد والجهات البلدية المعنية، بمعالجة تلك الظاهرة السلبية، ليكون غرق مناطق العاصمة أمس الأول الأربعاء، شاهدًا آخر على عدم جدية عمل الأمانة.