الكونغرس الأميركي

بدأ الكونغرس الأميركي حملة جديدة لفرض عقوبات واسعة على "حزب الله" اللبناني عن طريق مشاريع قوانين من المنتظر أن يوافق عليها "الكونغرس" بمجلسيه وأن يوقعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتهدف مشاريع القوانين الجديدة إلى عرقلة حركة الحزب المذكور حول العالم، كما تعاقب الدول والأحزاب السياسية التي تقدّم دعماً له، وهذه مقاربة جديدة تختلف عن الاستراتيجية السابقة التي اعتمدت على معاقبة عناصر من حزب الله أو قطع التمويل في مصادره.

ويعتبر الأميركيون أن قوة "حزب الله" تعيش على شبكات تهريب البضائع والسيارات وتجارة المخدرات ويريدون قطع المال عنه، ويظهر في التعديلات تشديد للرقابة المصرفية وإضافة وسائل لمنع عناصر حزب الله من إرسال أموال عبر المصارف إلى لبنان. لكن التعديل الأهم طال العمل السياسي، فقد سمحت فقرة من مشروع القانون للرئيس الأميركي بفرض عقوبات على داعمين سياسيين لحزب الله، وتنص الفقرة على إمكانية فرض عقوبات على "أي شخص سياسي على صلة بحزب الله أو يقدّم دعماً ملموساً لحزب الله".

وتستطيع الإدارة الأميركية استعمال هذه الفقرة لمعاقبة شخصيات تتحالف سياسياً وانتخابياً أو حتى تشارك "حزب الله" في الحكومة اللبنانية. وكانت معلومات سابقة أشارت إلى أن نص المشروع شمل "التيار الوطني الحر" وزعيمه ميشال عون الرئيس الحالي للجمهورية اللبنانية و"حركة أمل" وزعيمها نبيه برّي رئيس مجلس النواب اللبناني وغيرهم، وذهب أعضاء من الكونغرس الأميركي إلى بيروت منذ أشهر وسرّبوا نصّ المسوّدة للسياسيين والصحافيين، فأسرع ممثلون لـ"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" إلى واشنطن وتحدّثوا إلى أعضاء الكونغرس ومساعديهم وإلى أعضاء في الإدارة لمنع ذلك، وهم نجحوا في تحاشي ذكر الأسماء، لكن واضعي مسوّدة المشروع أبقوا على الآلية.

وكانت حجج اللبنانيين أمام المسؤولين الأميركيين أن التعامل مع حزب الله كان دائماً من باب الضرورة، والآن، يقول بهنام بن طالب لو من "صندوق الدفاع عن الديمقراطية" إن الإجراء "يعطيهم القوة لمواجهة حزب الله ومنع التمويل الذي يساعده على القدرات العسكرية وإن هذا يعزل حزب الله بدلا من فتح أبواب الفوضى"، ويقصد بذلك أن السياسيين اللبنانيين سيتمكنون من الابتعاد عن حزب الله بدلاً من أن تفرض عليهم الحكومة الأميركية عقوبات وتتسبب بفوضى سياسية في لبنان.

أما الجزء الآخر المثير للاهتمام في سلسلة مشاريع القوانين الأميركية فإن أحدها يهدف إلى منع سفر عناصر حزب الله، ويطلب مشروع القانون من حكومات الدول التعاون وتبادل المعلومات حول هؤلاء الأشخاص مع السلطات الأميركية، وتهدد مسوّدة المشروع بسحب المساعدات الأميركية لهذه الدول إن لم تتخذ الإجراءات المطلوبة. وفي حالة مثل هذه، ستجد حكومات مثل حكومة العراق ولبنان وغيرها أنها مضطرّة لإعادة النظر في مرور عناصر ميليشيا حزب الله الذين يسافرون بحرية الآن بين طهران وبغداد و بيروت ومنها إلى سورية وغيرها.

وآخر الغيث اعتبار أن "حزب الله" استعمل في العام 2006 الدروع البشرية عندما خاضت معركة مع اسرائيل وهي تتابع فعل ذلك بنشر السلاح في القرى اللبنانية خصوصا المتاخمة لإسرائيل.

وتأتي مشاريع القوانين هذه في وقت تبحث إدارة دونالد ترمب في تبنّي سياسة لمكافحة التدخلات الإيرانية في شؤون دول الجوار. ويعتبر بهنام بن طالب لو من "صندوق الدفاع عن الديمقراطية" أنه بالمقارنة مع إيران "حزب الله تنظيم مختلف، والآن لا يسيطر على كل لبنان والعقوبات مهمتها منع حزب الله من السيطرة الكاملة على لبنان". فالأميركيون شاهدوا خلال السنوات الماضية أن العقوبات التي فرضوها على حزب الله لم تمنعه من مدّ نفوذه السياسي في لبنان ولم تمنعه من التحالف مع أحزاب لبنانية، كما تمكّن من عرقلة الانتخابات الرئاسية إلى أن خضعت الأحزاب اللبنانية لشروطه بانتخاب ميشال عون، ويرى الأميركيون حاجة واضحة لاستراتيجية جديدة أو مقاربة مختلفة تحاصر حزب الله وتحافظ على لبنان.