الخرطوم- محمد إبراهيم
وصلت المشاورات غير الرسمية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية "قطاع الشمال"، التي تقاتل سلطات الخرطوم في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى طريق مسدود، وباءت جميع المحاولات التوفيقية بين الطرفين بالفشل، ولم تفلح مبادرة الحكومة الأوغندية في إحداث اختراق، وتقريب وجهات النظر بين الجانبين، بعد إستئنافهما المشاورات، في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، فيما يتصل بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع، وهي القضية التي تقف حجر عثرة في طريق التقارب بين الحكومة والمتمردين، رغم التوافق في عدد من الملفات، إذ أن كل طرف يصر على موفقه.
وتبادل وفدا الطرفين، الحكومة السودانية والحركة الشعبية "قطاع الشمال"، الاتهامات، بعد فشل المفاوضات غير الرسمية بينهما، واشتعلت حرب البيانات بين الجانبين، مساء الأحد، وحمل كل منهما الآخر مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، ووصف كل من الطفرين الطرف الآخر بعدم الجدية في الوصول إلى تسوية للأزمة الإنسانية، والتمسك بذات المواقف التي أدت إلى انهيار جلسة التفاوض الرسمية السابقة، في أغسطس / آب الماضي.
وأوضح وفد الحكومة السودانية، برئاسة مفوض العون الإنساني أحمد محمد آدم، في بيان له، أن جلسة المشاورات، التي انعقدت بمبادرة من الرئيس الأوغندي، يوري موسفيني، دعمًا لجهود الآلية الأفريقية رفيعة المستوى لتسوية الصراع في السودان، باءت بالفشل، وكشف البيان عن أن ممثلي الحكومة طرحوا مبادرة جديدة لتوصيل المساعدات الإنسانية للمناطق التي تقع خارج سيطرتهم، في النيل الأزرق، وجنوب كردفان، في محاولة لكسر الجمود الذي لازم المفاوضات السابقة، وأشار إلى أن المقترح الجديد دعا لتشكيل آلية مشتركة، تضم الحكومة، والحركة الشعبية "قطاع الشمال"، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وممثلي المنظمات غير الحكومية الوطنية والأجنبية، لتمرير المساعدات الإنسانية من داخل السودان، على أن تحدد الآلية المقترحة الاحتياجات في المناطق المتضررة، ووضع خطط التدخلات الإنسانية، بالإضافة إلى اعتماد سياسة المسار السريع، لتعجيل وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمستهدفين.
وفي المُقابل، أقرت الحركة الشعبية "قطاع الشمال" بانهيار المفاوضات غير الرسمية مع الوفد الحكومي السوداني ووصفت المحادثات بالفاشلة، واتهمت حكومة الخرطوم بإرسال وفد من أشخاص غير مفوضين باتخاذ قرارات مصيرية. وأشارت إلى أنهم كرروا ذات المواقف السابقة، دون رغبة في تقديم أي تنازلات، على عكس ما قدمته الحركة من تنازلات في الجولات السابقة. وأكدت الحركة تمسكها بمعبر "أصوصا" الحدودي مع دولة أثيوبيا، لتمرير المساعدات الإنسانية، كحل يؤدي إلى وقف العدائيات. وشددت "قطاع الشمال" على أن طرح الوفد الحكومي للمسارات الداخلية لتوصيل المساعدات هو مجرد محاولة لتغطية رفضهم لمعبر "أصوصا" للمساعدات الإنسانية، بالحديث عن لجنة "هلامية"، تشرف على المسارات الداخلية.
وكانت جولة التفاوض الرسمية الماضية حول المنطقتين قد انهارت في آب الماضي، بسبب تباعد المواقف بين أطراف التفاوض، في ملف المساعدات الإنسانية، حيث تمسكت الحكومة بإغاثة المتضررين في المنطقتين، عبر مسارات داخلية، بينما تمسكت الحركة الشعبية "قطاع الشمال" بأن تأتي 20% من المعونات من الخارج، عبر معبر "أصوصا".
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأوغندي "موسيفيني" التقى بطرفي النزاع في المنطقتين في سبتمبر / أيلول، وطرح عليهم إجراء مشاورات غير رسمية، دعما للآلية الأفريقية، ورغبة منه في إحلال السلام في السودان، كما عُقد اجتماع مماثل بين وفد حكومي، وقيادات الحركات المسلحة في دارفور.
ويري مراقبون أن الحكومة السودانية تتخوف من نوايا الحركة الشعبية "قطاع الشمال"، بتمسكها بتوصيل المساعدات الإنسانية من الخارج، في استخدام الإغاثة لأغراض غير إنسانية، وإدخال أسلحة وتعزيزات لوجستية لقواتها المُحاصرة في النيل الأزرق وجنوب كردفان، بعد أن تلقت عدد من الهزائم، وفقدت كثير من الأسلحة والمعدات.
وأكد المحلل السياسي، الدكتور خالد قنديل، في حديثه إلى "العرب اليوم"، أن الحكومة السودانية تتخوف من تجارب سابقه، أطالت أمد الحرب، بعد سماحها لقوات التمرد بإدخال مساعدات إنسانية عبر الخارج، تم خلالها تسليح جيش الحركة الشعبية، بالإضافة إلى أنها ترى أن إيصال الإغاثة المباشرة من خارج السودان لمناطق الحركة يمثل انتهاكًا للسيادة والقوانين الوطنية.