الخرطوم - محمد إبراهيم
نجحت قنصلية الخرطوم في أسوان المصرية في إنهاء أزمة السودانيين العالقين في المعبر الحدودي بين البلدين. وتضاعفت معاناة السودانيين العالقين في معبر "أشكيت ــ قسطل" الحدودي وتعقّدت الإجراءات المُعتادة لحركة عبور السودانيين من وإلى ومصر، واحتجزت السلطات الأمنية في محافظة أسوان مئات الأسر والمسافرين على طريق "أبو سمبل" الدولي المؤدي إلى معبر قسطل - أشكيت الحدودي بين البلدين عقب اندلاع احتجاجات بمناطق "النوبة" المصرية استمرت لثلاث أيام أغلق خلالها المحتجين من النوبة الطريق الرئيسي واحتجزوا "5" أتوبيسات تحمل سودانيين عددهم "50" راكباً متجهين من أسوان إلى المعبر، حيث عاش السودانيين المحتجزين أوضاعاً بائسة خاصة وأن العديد من الأسر معها أطفال بالإضافة إلى كبار في السن ظلوا قابعين في الأتوبيسات داخل منطقة تفتقر للخدمات الضروية فضلاً عن تدني درجات الحرارة في المساء في المنطقة مع دخول فصل الشتاء ماعرّض الكثير من المسافرين إلى أوضاعاً مأساوية تضاعفت بتكدس الأتوبيسات والمسافرين ليتجاوز عدد العالقين "900" مسافرًا من السودانيين من وإلى مصر.
"احتجاز المسافرين"
ونتيجة إلى الاحتجاجات التي شهدتها منطقة أبو سمبل ارتفع عدد المسافرين السودانيين العالقين إلى أكثر من (900) راكب وتضاربت الإحصائيات وذكرت تقارير أن الأعداد تعدت الألف بكثير على متن (18) أتوبيسًا مقبلا من السودان تم إجبارهم على التوقف في مدينة أبو سمبل نظرا لتعذر وصولهم إلى مدينة أسوان، وترجع تفاصيل الحادثة إلى أن مجموعة من النوبيين في الأراضي المصرية نظموا احتجاجات على الطريق الرئيسي بالكيلو (43)، مطالبين بوقف طرح أراضي "خور قندي" أمام المستثمرين ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان ومازالت المجموعة تواصل الاحتجاج.
وترددت أنباء في القاهرة عن وصول المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع المصري الأسبق رئيس المجلس العسكري إلى أسوان أمس الأول للاجتماع بقيادات النوبة، بتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لإيجاد حلول واقعية للمشكلة تعيد حقوق أهل النوبة، بخاصة وأن أهالي النوبة يرفضون الاستثمار في مشروع مليون ونصف مليون فدان للحكومة المصرية أنها أراض خاصة بالنوبيين ولا يجب أن ينتفع بها أحد غيرهم، فضلاً عن حديثهم أن مدينة أبو سمبل مركز تواجدهم تعاني من نقص حاد في مقومات الحياة الأساسية، بجانب معاناة الصيادين في بحيرة ناصر بسبب عدم قدرتهم على نقل إنتاجهم السمكي من مدينة أبو سمبل إلى مدينة أسوان مما يهدّد بتلف الأسماك، ودفعت هذه الاوضاع النوبيين إلى إغلاق الطريق الحدودي وتعطيل حركات الشاحنات والبصات السفرية ما ترتب عليه وقف الحركة في الطريق البري من وإلي السودان عبر معبر أشكيت قسطل وتكدس مئات المسافرين.
"تحركات القنصلية"
من جهتها سارعت القنصلية السودان في أسوان لاحتواء الموقف وإنهاء احتجاز المسافرين السودانيين وأكد قنصل السودان في أسوان عبد العظيم الشيخ أن تكدس العالقين بعدد "900" سوداني على طريق أبو سمبل يخلف إفرازات أمنية واسعة.
وقال الشيخ إن أزمة احتجاز (900) سوداني في طريق أبو سمبل الدولي المؤدي إلى طريق قسطل - أشكيت الحدودي بين البلدين حساسة جدا، ولها إفرازات أمنية واسعة، وشدّد على أن منع السلطات الأمنية المصرية لعبور السودانيين فقط خطوة غير موفقة، ونوّه إلى أن العلاقة بين البلدين كانت تستدعي مرور السودانيين، وانتقد الشيخ تحريك الركاب مسافة ساعة ونصف بدلا من خمس دقائق نتيجة الرفض الأمني، حتي يستقلوا الباخرة إلى وادي حلفا، موضحا أن المحافظ ساعد كثيرا في هذه الخطوه، كما أوضح أنه تم تأجير (4) حافلات أخرى لنقل السودانيين بخاصة وأن عرباتهم لا تستطيع السير في الصحراء، وقال إن أصحاب القرار في مصر كان عليهم أن يصدروا أوامر بعدم تحرك الركاب السودانيين من القاهرة حتى لا تحدث مشكلة ليتكدسوا ويتم حجزهم بهذه الطريقة في العراء، أو توفر السلطات المصرية بدائل بنفسها طالما هي التي منعتهم من المرور، وعبر الشيخ عن استيائه لما حدث.
"الخارجية توضح"
عقب تطاول إزمة السودانيين المحتجزين في أبو سمبل سارعت وزارة الخارجية السودانية بتكثيف اتصالاتها لإنهاء الأزمة الإنسانية لمواطنيها المكدسين في العراء في ظروف بالغة التعقيد، وأوضح الناطق الرسمي للخارجية السفير قريب الله الخضر إلى "العرب اليوم" الأربعاء إن القنصلية السودانية في أسوان بذلت مجهود كبير لإنهاء معاناة العالقين وإتصلت بالجهات المصرية، مُشيراً إلى المسافرين السودانيين محتجزين في منطقة أبو سمبل التي تبعد نحو "120" كيلو من أسوان، وأكد أن القنصلية دخلت في مفاوضات مع الجهات المسؤولة في مصر تكللت بالسماح بعبور السودانيين العالقين وأشار إلى أن السلطات المصرية إشترطت توفير عربات أخرى غير الأتوبيسات السفرية التي يستغلونها، ما دفع القنصلية إلى إحضار عربات أخرى لحل الأزمة وترحيل المسافرين حتى البواخر التي تقلهم وتوصيل القادمين من السودان حتى موقف النقل البري في أسوان وأكد أن القنصلية طالبت الشركات بقطع تذاكر للمسافرين وترحيلهم إلى وجهتهم، وأشار إلى أنها أيضاً قدمت لهم خدمات أخرى خففت معاناتهم.
"انتهاء الأزمة"
أكد الناطق الرسمي باسم الخارجية أن القنصلية السودانية في أسوان تمكّنت من حل الأزمة ومعالجة أوضاع العالقين وقال إنه تم ترحيل غالبيتهم وكشف عن تبقي "88" فقط من العالقين السودانين في انتظار ترحيلهم من أسوان إلى حلفا بعد تجديد حجزهم في الباخرة، وقال إن القنصلية وفرت لهم سكنًا مؤقتًا حتى ترحيلهم إلى البلاد. وأوضح الخضر أن السودانيين العائدين من ليبيا ليس لهم علاقة بتكدس السودانيين في معبر أشكيت قسطل وأزمة "أبو سمبل" وقال إن عبورهم يتم بطريقة طبيعية عبر مسار مختلف لا علاقة له بالحادثة.