صفقات سرية وفساد مؤسسات حكومية تتسبب بخسارة 250 مليار دولار

يحتل العراق مركزًا متقدمًا بين الدول العشر الأكثر فسادًا في قائمة منظمة الشفافية الدولية ، فيما تشير تقارير الى ان العراق خسر اكثر من 250 مليار دولار بسبب صفقات سرية وفساد مؤسساته الحكومية ، وان الأمانة العامة لمجلس الوزراء البؤرة الأخطر للفساد، فيما احتلت وزارة الدفاع مرتبة متقدمة بين الوزارات في هذا المجال، بحسب التقارير ان مشكلة الفساد المالي والاداري الذي تعاني منه مؤسسات عديدة في الدولة العراقية الجديدة عائقا كبيرا وتحديا صعبا يقف امام ازدهار وتقدم البلاد.

ويعزِّز هذا الاعتقاد، تواتر التقارير والأبحاث الدولية مؤخرا التي تضع العراق في مرتبة دنيا في سلم الدول المبتلية بهذه الآفة الخطيرة، ففي جداول الفساد في العالم التي تصدرها منظمة الشفافية العالمية يظهر العراق في المرتبة ما قبل الأخيرة للدول، كما أنه يقف في المرتبة الثانية في سلم الدول الفاشلة، بعد السودان. ورجحت التقارير الى أن يكون الصراع السياسي على السلطة في العراق سببا آخر لتفشي الفساد في مفاصل ومؤسسات الدولة، وان احتدام الصراع السياسي على صعيد السلطة ترتب عليه ظهور مراكز حكومية عديدة ومتناقضة المصالح ومدعومة بفصائل مسلحة، لا تتورع عن حماية بعض المتورطين بالفساد العام.

 ويبدو ان هذا الصراع أوجد المناخ الملائم لاتساع ظاهرة الفساد في ظروف عدم الاستقرار السياسي والاحتراب الطائفي وتدهور الحالة الأمنية وغياب الحماية المطلوبة للأجهزة والهيئات والمسؤولين المكلفين بمكافحة الفساد، مؤكدا أن مكافحة الفساد لا يمكن بلوغها ما لم يجر العمل جديا باحترام وفرض آليات فعالة ومدعومة من الدولة والرأي العام.

وصنف التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية حول الفساد في العالم، الصادر يوم الاربعاء 18 يناير/كانون الثاني ، العراق ضمن الدول العشر الاكثر فسادا في العالم لعام 2015.

وأكدت منظمة الشفافية الدولية أن الأحزاب السياسية في العراق هي المؤسسات الأكثر فسادًا غرد النص عبر تويترفي البلاد، يليها البرلمان والقضاء والمؤسسة العسكرية، بحسب مؤشر الفساد العالمي.

وقالت مديرة إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة غادة الصغير إن العراق سجل خلال الأعوام الأربعة الأخيرة نسبة بلغت 16% في مؤشر الفساد الإداري والمالي، وهذا يعني أنه واحد من أكثر الدول فسادا في العالم، فكلما اقتربت الدولة من مستوى 100% كانت أقل فسادًا. وأضافت أن "مؤشر الفساد المتعلق بوزارة الدفاع وهيئة الحشد الشعبي سجل مستوى عاليا في ظل عودة ظاهرة ما يعرف بالجنود الفضائيين، أي الأسماء الوهمية".

وذكرت أن دراسات بحث الفساد في العراق أظهرت أن الوظائف الحكومية يتم شغلها عبر الوساطة والمحسوبية، لافتة إلى تقرير صادر عن أجهزة الإحصاء يشير إلى أن 35% من الموظفين في القطاع العام العراقي تم تعيينهم بدون عملية تنافسية. ولفتت غادة إلى أن المواطن العراقي غير مستعد للانخراط في مكافحة الفساد والتبليغ عن حالاتها بسبب عدم ثقته بالحكومة والقضاء، حيث يعتبر المواطنون أنهم إن بلغوا عن الفساد فقد يتعرضون للانتقام، أو أنه في حال الإبلاغ عن حالات الفساد فلن تتم محاسبة الفاسدين.

وتراجع تصنيف الدول العربية التي تعاني من صراعات مسلحة داخلية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال التي احتلت المركز الأخير على مستوى العالم مسجلة ثماني نقاط فقط. وقالت مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة الشفافية الدولية غادة الصغير "مرة أخرى فإن ثلاثة من بين أكثر 10 دول فسادا في العالم موجودة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهي العراق وليبيا والسودان. ويعني استمرار الصراعات الكارثية في هذه الدول ودول أخرى أن أي جهود لتعزيز المؤسسات والدولة قد واجهت عقبة كبيرة".

وأظهر المؤشر السنوي للمنظمة والذي يضم 168 دولة، تحسن تصنيف قطر التي احتلت المركز الأول بين الدول العربية في مكافحة الفساد مسجلة 71 نقطة مقابل 69 نقطة في 2014، وتصنيف الأردن التي جاءت في المركز الثاني عربيا مسجلة 53 نقطة مقابل 49 نقطة في العام السابق، وجاءت المملكة العربية السعودية في المركز الثالث حيث حصلت على 52 نقطة خلال العام الماضي مقابل 49 نقطة في العام السابق، وتلتها البحرين التي سجلت 51 نقطة مقابل 49 نقطة، ثم الكويت التي سجلت 49 نقطة مقابل 44 نقطة.

وأشار التقرير إلى تحسن تصنيف مصر التي سجلت تراجعا طفيفا في التقييم حيث سجلت 36 نقطة مقابل 37 نقطة العام الماضي. ورغم تراجع التقييم تحسن ترتيب مصر على المؤشر حيث قفزت إلى المركز 88 على مستوى العالم خلال العام الماضي مقابل المركز 94 في .2014

وأظهر المؤشر استقرار تصنيف الجزائر عند مستوى 36 نقطة دون تغيير، في حين تراجع تصنيف سوريا من 20 نقطة إلى 18 نقطة واليمن من 19 إلى 18 نقطة. وأشارت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي اليوم إلى أن البرازيل وليبيا من بين خمس دول زادت فيها مستويات الفساد بشكل ملحوظ خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فقد سجلت الدولتان الدرجة 38 و16 نقطة على التوالي، بناء على إساءة استخدام السلطة والرشوة في القطاع العام.

والدول الثلاث الأخرى التي ارتفع فيها معدل الفساد منذ عام 2012 هي أستراليا (التي سجلت الدرجة 79) وأسبانيا (58) وتركيا (42). وصنفت الدنمارك باعتبارها الدولة الأقل فسادا في العالم بينما اعتبرت كوريا الشمالية والصومال الأكثر فسادا. بينما تراجعت درجة البرازيل بمقدار خمس نقاط هذا العام. وأدت زيادة الفساد إلى فقد عشرات الآلاف من البرازيليين وظائفهم، وفقا للمنظمة.

كما أن الفساد في ليبيا قد أضر باستقرار ورخاء البلاد بحسب تقرير المنظمة، فإلى جانب العراق والسودان، فإن ليبيا من بين ثلاث دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تمثلت في قائمة الدول العشر الأكثر فسادا. وذكر التقرير أن اليونان والسنغال وبريطانيا من بين الدول التي قلصت بشكل كبير مستويات الفساد منذ 2012 .