بغداد – نجلاء الطائي
كشف تقرير للسلطات القضائية العراقية في محافظة النجف جنوبي البلاد، عن ارتفاع مخيف في معدل الجرائم المرتكبة في المحافظة خلال العام المنصرم، مقارنة بالأعوام السابقة، فيما عزت الجهات الامنية في محافظة كربلاء بأن أكثر من ألف متهم ألقي القبض عليهم في جرائم قتل وسطو وسرقة، في الثلث الأول من العام الجاري فقط، كما أدين قرابة مائتي متهم، وهو رقم سجَل تصاعدا ملحوظا مقارنة مع العام الماضي. وعزا خبراء ذلك إلى تفشي الفساد في صفوف أجهزة الأمن، وسطوة المليشيات وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل عام وجنوب العراق على وجه الخصوص.
وحسب تقرير صدر عن السلطة القضائية في النجف، اليوم الخميس، نقلته وسائل إعلام محلية عراقية، فإن هناك نحو 50 نوعا من الجرائم المرتكبة في المدينة، أبرزها القتل والخطف والسطو المسلح والنصب والاحتيال والسرقة. وقد احتلت المدن الرئيسية في النجف الصدارة بمعدل الجرائم، بينما تنخفض في القرى والبلدات الصغيرة والنائية.
ووفقا للتقرير ذاته، فقد بلغ مجموع الجرائم 17 ألفاً و486 جريمة جاءت مدينة النجف (العاصمة المحلية للمحافظة) في الصدارة من حيث عدد الجرائم، بواقع 56 حالة قتل عمد و13 حالة اختطاف و300 سرقة، فضلا عن 5600 حالة إجرامية أخرى، في بلدة المناذرة والكوفة والمشخاب تلي تلك البلدات مناطق العباسية والحيدرية والقادسية. واعتبر محللون أن هذه المعدلات المخيفة لنسب الجرائم في مدينة النجف تنذر بكارثة أمنية خطيرة جنوب البلاد، واصفين تقرير القضاء بالمفاجأة التي قد لا ترضي الحكومة.
وقال الخبير الأمني العراقي، محمد النجفي، إن "نسب الجرائم في تزايد مستمر في مدن جنوب العراق بشكل مخيف، وتحتل مدينة النجف الصدارة في نسبة وعدد الجرائم المرتكبة، ومنها القتل العمد والخطف والسرقة والنصب والاحتيال ونهب أموال الدولة، نظراً لانتشار العصابات المنظمة والميلشيات المسلحة دون رادع قانوني".
ونبه النجفي إلى "وجود عشرات الفصائل المسلحة التابعة للمليشيات في مدن الجنوب ودخول زوار إيرانيين بدون تدقيق أمني، وانتشار المخدرات، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والفساد الذي يضرب المؤسسة الأمنية الشريان الذي يغذي تلك الجرائم". وبين أن "الجريمة المنظمة باتت الوجه الثاني للإرهاب في الجنوب العراقي، الذي تعاني منه مدن وسط وشمال وغرب العراق".
ووصف عضو التيار الصدري، حسين البصري، تسجيل أكثر من 17 ألف جريمة في مدينة النجف في عام واحد بالكارثة الأمنية. وأوضح، أن "السطوة في مدن جنوب العراق ليست للقانون والدولة مطلقاً، بل للعشائر وبعض المليشيات وهو ما حذرنا منه سابقا كثيرا".
واعتبر عضو التيار المدني العراقي، حسام عيسة، الرقم عاديا، وأضاف أن "وجود قيادي بمليشيا مسلحة على رأس وزارة الداخلية العراقية وانتشار 73 فصيلاً مسلحاً في الجنوب يمكن أن ينتج أكثر من هذا"، في إشارة إلى وزير الداخلية العراقية، قاسم الأعرجي، وهو قيادي بمليشيا بدر وتمت تسميته وزيرا للداخلية العام الماضي.
وأكدت مديرة مكافحة الإجرام في محافظة كربلاء أنها كشف الدلالات للوصول الى حيثيات الجرائم التي وقعت في المحافظة مؤخرا، بالاضافة الى القاء القبض على مواطني المحافظة اللذين نفذوا الجرائم في المحافظات الاخرى.
وأشار مدير مكافحة الإجرام في كربلاء، العقيد صباح سهيل المسعودي، في تصريح صحفي إلى أن معدلات الجريمة تزايدت في المحافظة بشكل ملحوظ ما دفع بالاجهزة الامنية الى تكثيف الجهود لكشف الجناة وتقديمهم الى القضاء، مبينا أن أغلبهم شمل في قرار العفو الأخير الذي أصدرته الحكومة. وأضاف المسعودي أنه "لدينا متهمون انخرطوا في مجموعة عصابات تم القاء القبض عليهم من سكنة المناطق العشوائية ومن المدن، من الذين ترددوا على محافظة كربلاء مؤخرا، وشملهم قرار العفو الأخير الذي أصدرته الحكومة". كما اشار الى ان العصابة الأخيرة التي تم القاء القبض على أفرادها الى جانب عصابات يستقلون الدراجات الناري، قد حوكموا سابقا وشملهم العفو ورجعوا إلى فعلهم، مؤكدا ان "قرار العفو اثر سلبا على الوضع الأمني في محافظة كربلاء".
وأشاد المتحدث باسم شرطة كربلاء، العقيد علاء الغانمي، بجهود مكتب محافظة كربلاء الذي زود الجهات الامنية بمعلومات سرية حول جريمة الطفلة التي وجدت مقتولة في أحد الهياكل المدرسية في منطقة الجمعية، مشيرا الى ان الشكوك كانت تكبيرة حول الجريمة وكان أهلها لا يريدون إقامة الشكوى، وتبين بعد ذلك ومن خلال التحقيق من قبل مكافحة الإجرام إن الطفلة توفيت فعلا نتيجة عمل إجرامي و ليس بسبب القضاء و القدر.
ونقلت المديرية عن متهم لم يكشف عن اسمه لاسباب امنية، قوله "قمت بتنفيذ حوالي 15 حالة (جريمة)، وعادة ما اخترت الضحية من كبار السن، وكنا نستغل كبار السن ونحاول استدراجهم لحال تنفيذ الجريمة". وقال متهم آخر ان "الجريمة الأولى التي ارتكبتها كانت في سنة 2016 سرقة محل للهواتف النقالة وسرقة حوالي ستة وخمسون هاتف، وحُكم علي ومن ثم أخرجوني بعفو عام شملني، إلا انني واصلت تنفيذ جرائم جديدة".