الصومال

يتعرض الصومال لخطر موجة جديدة من المجاعة، قد تودي بحياة آلاف المواطنين وخاصة الأطفال والنساء وقد بات هذا الخطر محدقاً وداهماً، ويتطلب تحركاً فورياً ومنسقاً من كافة الهيئات الإنسانية، والقوى الحية في هذا العالم ..فوفقا لنتائج تقييم جديد صدرت عن وحدة تحليل الأمن الغذائي التي تديرها منظمة الأغذية والزراعة، وشبكة نظم إنذار المجاعة المبكر، لا يزال الوضع الإنساني في الصومال مثيرا للقلق.

وقال بيان صادر عن منسق الشؤون الإنسانية في الصومال، فيليب لازاريني إنه بالرغم من تحسن الوضع في أجزاء من البلاد بسبب الأمطار الجيدة نسبيا بدءا من شهر أكتوبر وحتى ديسمبر الماضيين، وزيادة تدفق المساعدة الإنسانية، إلا أن التوقعات لعام 2015 مقلقة للغاية

ويواجه نحو 721 ألف صومالي انعدام الأمن الغذائي ، الغالبية العظمى منهم من النازحين داخليا، فيما يتعرض 2.3 مليون شخص إضافي لخطر الانزلاق في الوضع نفسه، وبذلك يرتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الدعم الإنساني والمعيشي إلى ثلاثة ملايين

ويشير التقييم إلى استمرار ارتفاع معدلات سوء التغذية حيث يعاني 203 آلاف طفل من سوء التغذية الحاد وهم في حاجة إلى مكملات غذائية طارئة، كما يعاني نحو 38 ألف طفل من سوء التغذية الشديد ويحتاجون إلى العلاج الطبي المنقذ الحياة والغذاء العلاجي.

ويحذر التقييم من أن التمويل المتاح لا يتناسب مع الاحتياجات وهناك ما يقرب من 350 ألف صومالي عرضة لخطر عدم تلقي المساعدات الغذائية في وقت مبكر في فبراير الجاري، وتطلب خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لعام 2015 نحو 860 مليون دولار لإنقاذ الأرواح وتحسين حماية النازحين وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على تحمل الصدمات.

وأدت الحرب الأهلية، التي لا تزال تدور رحاها في الصومال، إلى تعطيل الزراعة وتوزيع الغذاء في الجنوب الصومالي ولعل الأسباب الرئيسية التي اندلعت من أجلها الحرب في البلاد تتلخص في الحساسية المفرطة بين العشائر وبعضها البعض بالإضافة إلى التكالب على السيطرة على الموارد الطبيعية والمناطق الرعوية الغنية.

وكان جيمس بيشوب أخر السفراء الأمريكيين بالصومال قد وصف الوضع الراهن والحرب الأهلية هناك بأنها "صراع على الماء ومناطق الرعي والماشية كانت تدار قديما بالأسهم والسيوف وأصبحت تدار الآن بالبنادق الألية. وقد أدت الحرب الأهلية الصومالية إلى حدوث مجاعة أودت بحياة قرابة 300,000 صومالي مما دفع مجلس الأمن لاستصدار قرار بوقف إطلاق النار عام 1992 وإرسال قوات حفظ السلام الدولية الأولى بالصومال" يونصوم " (UNOSOM I) لإنقاذ الوضع الإنساني للبلاد. وكان استخدام القوة بالنسبة لقوات حفظ السلام مقصورا فقط على الدفاع عن النفس مما أعطى العشائر المتحاربة الفرصة لإهمال تواجدها واستكمال صراعهم المسلح.

وردا على تصاعد حدة العنف وتدهور الوضع الإنساني قامت الولايات المتحدة بتزعم تحالف عسكري دولي بغرض إحلال الأمن في الجنوب الصومالي والارتقاء بالوضع الإنساني هناك وتسهيل وصول المعونات الإنسانية من الأمم المتحدة والدول المانحة ودخلت قوات التحالف والتي عرفت باسم قوات الفرقة الموحدة في ديسمبر من عام 1992 من خلال عملية "إعادة الأمل" وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 794.

وتمكنت القوات الدولية من إعادة النظام في جنوب الصومال والتخفيف من أثار المجاعة التي عانت منها البلاد حتى انسحبت معظم القوات الأمريكية من البلاد بحلول مايو من عام 1993 واستبدلت قوات الفرقة الموحدة بقوات حفظ السلام الدولية الثانية بالصومال "يونصوم 2 (UNOSOM II) في الرابع من مايو وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 837 والصادر في السادس والعشرين من مارس من نفس العام.

وبرزت مشكلة القرصنة قبالة شاطئ الصومال كنتيجة حتمية لانهيار وتدهورالسلطة الحكومية إثر نشوب الحرب الأهلية،وقد ظهرت هذه المشكلة بداية الأمر في الموانئ الساحلية للبلاد وجاءت القرصنة كرد فعل من قبل الصيادين الصوماليين قاطني عدد من البلدات الساحلية على هجوم سفن الصيد الأجنبية على الثروة السمكية الموجودة بالمياه الإقليمية بعد انهيار الحكومة، الأمر الذي حرم الصيادين من جزء كبير من دخلهم. كذلك، لاحظ بعض المسؤولين أن أعمال القرصنة تصاعدت بعد حدوث زلزال المحيط الهندي بتاريخ 26 ديسمبر من عام 2004، الذي تسبب بموجات تسونامي هائلة دمرت عدد من القرى الساحلية وقوارب صيدها.. يقول البعض أن أعمال القرصنة في الصومال هي "الأعمال الاقتصادية الوحيدة المزدهرة" في البلاد، وأنها "دعامة" اقتصاد أرض البنط.

وفي أواسط سنة 2011 أدى تخلف الأمطار لموسمين متتاليين إلى وقوع أسوأ موجة جفاف في القرن الأفريقي منذ 60 عاما وقد أدى تفاقم الجفاف وما نجم عنه من جفاف للمحاصيل ونفوق للحيوانات وارتفاع أسعار المياه والوقود والغذاء، الى حدوث هجرة جماعية لأهل جنوب الصومال الذي تتجاذبه الصراعات المسلحة، إلى مراكز الإغاثة في الدول المجاورة وفي شهر يوليو من عام 2011، أعلنت الأمم المتحدة رسميا وجود مجاعة في جنوب الصومال، سرعان ما تفاقمت بسبب منع الجماعات المسلحة دخول الإمدادات الغذائية إلى البلاد وفي المقابل، أنشأت الحكومة هيئة إغاثة وطنية تتكون من عدة وزراء تهدف إلى العمل على الحد من أضرار الجفاف وتأثيره على الناس.

وبحسب خبراء متخصصين في الشأن الإفريقي تسبب الاخفاق الجماعي من جانب الحكومات ووكالات المعونة والجهات المانحة في التحرك مبكرا، وكذلك التردد في العمل وتخصيص الموارد حتى يتم التيقن بشأن حجم الأزمة وبحلول هذا الوقت كان الأوان قد فات بالفعل.

أ ش أ