بيروت ـ كمال الأخوي
باتت السلطة اللبنانية مفصولة عن الواقع وعاجزة عن إدراك الحقيقة ففشل الرهان على ملل الشارع بل ذهبت الانتفاضة الشعبية بعيدا وفرضت إرادتها على مجريات الأحداث، وأظهرت قدرة على تجاوز الأخطاء بل وتسجيل أهدافاً متتالية في مرمى السلطة، التي لم تكف عن ارتكاب الأخطاء أبرزها جسامة الاتفاق على التأليف قبل التكليف.
يصح القول بأن السلطة الحاكمة تسدي الخدمات لاخصامها المجهولين في الشارع، إذ لا يمكن التصديق بأن بعض الأطراف مقتنعة بقدرتها على تجاوز أحداث ١٧ تشرين الاول، خصوصا عند بعض المصابين بوهم القوة من اهل السلطة عبر الاكتفاء بالتغيير الحكومي الشكلي.
فالسرعة الفائقة بالتعامل مع مقابلة رئيس الجمهورية كما التعامل مع تسمية الصفدي لتشكيل الحكومة، وبغض النظر عن نظرية المؤامرة، تظهرالاستنفار الشعبي ما قد يجعل الواقع شديد الحساسية والتعقيد لا يتناسب مع دهاء السلطة الموصوفة.
مطالب الشارع واضحة على رغم التجاهل المتعمد، والذي يحوي في طياته نوايا غير سليمة، إذ تجمع معظم المجموعات على خارطة طريق تتمثل بحكومة انتقالية تمهد لانتخابات مبكرة خلال 6 أشهر ما يعني تغييرا جوهريا ببنية وشكل النظام السياسي.
ليس تفصيلا عابرا أن تظهر مدينة طرابلس بصفتها الحاضنة للانتفاضة وعروس الثورة وتمثل عنصرا ملهما فترسل منصتها الثورية رسائلها التضامنية وهتفاتها إلى الضاحية وصور وجل الديب وتشد من أزر الثوار في لبنان.
ليس عصيا على فهم الكثيرين في السلطة أن يصرخ الكوميدي - السلفي بلال مواس في الساحة "لم يعد يهمني طائفة المسؤلين، نريد حقنا ولو من رئيس بوذي".
صحيح أن هذا التفكير عصي على الفهم في ظل النهج التحاصص السياسي، لكن بالمقابل لا تتضمن جداول عمل المنتفضين البحث في مصير العهد في ضوء الأحداث الجسيمة، كما مستقبل جبران باسيل بعد خروجه المحتوم من الحكومة على وقع تداعيات كثيرة في العائلة والتيار وأكبر كتلة نيابية.
خارج إطار معادلة "حزب الله"، والتي يجب مقاربتها بطريقة مختلفة، لا يمكن الاستهانة بما ستنتجه "الثورة" من تغيرات هائلة في السياسة والمجتمع ومفهوم المواطنة، بنفس الوقت لا يمكن التغاضي عن تحديات تتمحور بعهد الرئيس عون في ظل الازمات الخانقة، على رغم حالة الإنكار الظاهرة.
يمكن ادراج تسمية الصفدي في إطار رفع الضغط عن كاهل رئيس الجمهورية تحديدا ومحاولة صرف أنظار المنتفضين عن قصر بعيدا نظرا إلى رمزيته، خصوصا في ضوء إستنفار بكركي ورفع بطاقة حمراء في وجه من حاول بناء جدار نهر الكلب، وهو تصرف يعيد إلى الذاكرة صد البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير محاولة إسقاط الرئيس السابق اميل لحود، وكذلك موقف "القوات اللبنانية" التي ترسم اندفاعتها حدود إستقالة الحكومة وليس إسقاط العهد.
قد يهمك أيضاَ
متفرغو اللبنانية" تدعو للمشاركة الكثيفة في اعتصام مركزي الثلاثاء المقبل
نادي قضاة لبنان يطرح ملاحظاته حول اقتراح قانون العفو العام