هواء دمشق

تواجه مدينة دمشق كحال معظم المدن التي تشهد كثافة سكانية عالية مشكلة تلوث الهواء وقد ازدادت وطأة هذه المشكلة نتيجة الظروف الراهنة حيث زادت الكثافة السكانية فيها بشكل ملحوظ ما أدى إلى ارتفاع وتيرة استهلاك الوقود وزيادة الطلب على وسائط النقل إضافة إلى الازدحامات والاختناقات المرورية وتكرار توقف السيارات.

ويؤثر تلوث الهواء تأثيرا مباشرا على الإنسان والنبات والكائنات الأخرى وعلى النظام البيئي ما يسبب اضرارا صحية خطيرة وأهمها التأثيرات المسرطنة وأمراض الربو والحساسية ونقص المناعة وغيرها من أمراض ومشاكل قابلة للازدياد إن لم تكن هناك اجراءات وقائية مناسبة كفيلة بمنع تفاقم مشكلة تلوث الهواء والحد من تأثيراتها السلبية.

وتذكر وزيرة الدولة لشؤون البيئة نظيرة سركيس في حديث خاص لـ سانا أن تلوث الهواء يتركز في المدن والتجمعات السكانية الكبرى ويعود إلى احتراق الوقود وخاصة الاحتراق غير الكامل سواءً في وسائل النقل أو التدفئة مشيرة إلى أن ما فرضته الأزمة من ضرورات كتقنين التغذية الكهربائية دفع شريحة كبيرة من المواطنين لاستخدام المولدات الكهربائية دون ضوابط الأمر الذي سبب تلوثاً بالضجيج إضافة إلى انبعاث الغازات السامة كما لوحظ ارتفاع وتيرة الحرق العشوائي للنفايات ما يعد بالغ الخطورة كونه يؤدي إلى انبعاثات خطيرة بعضها مسرطن كالديوكسينات.

وعن الإجراءات المتبعة من قبل الوزارة لتخفيض مستوى التلوث وتحسين الحاصل قالت سركيس إن الوزارة بالتعاون مع باقي الوزارات اعتمدت مصفوفة مشاريع محددة ببرنامج زمني ومادي تضمن تحسين نوعية الهواء على المدى القصير والمتوسط والطويل وتتضمن المصفوفة مشاريع توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقات النظيفة ومشاريع تربية وتنمية الغابات وحمايتها من الحرائق وتخفيض التلوث الناجم عن عمليات التكرير والمنشآت الصناعية المختلفة وزيادة رقعة المساحات الخضراء داخل المدن إضافة إلى تفعيل مشروع استبدال السيارات القديمة وتحديث وصيانة مسارب الفحص الفني للمركبات.

بدوره أوضح مدير سلامة الغلاف الجوي المهندس إبراهيم العلان “أن ازدياد الكثافة السكانية في دمشق والنشاطات المترتبة عليها من قبل السكان سجلت تجاوزات طفيفة لتراكيز بعض الملوثات عن الحدود المسموح بها في الهواء المحيط” وذلك من خلال محطات قياس ملوثات الهواء التي عملت وزارة الدولة لشؤون البيئة على تأمينها وتشغيلها على نطاق محدود وضمن أماكن خاصة نتيجة الظروف الراهنة التي حالت دون استثمار تلك المحطات بشكل كامل ولا سيما الحصار الاقتصادي الظالم الذي منع تأمين الغازات المعيارية اللازمة لعملها.

ولفت العلان إلى أن المحطات تتضمن أجهزة لقياس ملوثات الهواء الأساسية مثل ثاني أوكسيد الكبريت وأكاسيد النتروجين وأول أكسيد الكربون والمركبات الهدروجينية المختلفة إضافةً إلى الرصاص والعوالق التنفسية مبينا أن ارتفاع تراكيز هذه الملوثات بشكل كبير يؤدي إلى أضرار صحية بالغة.

وحسب بعض المختصين بأمراض الجهاز التنفسي في مدينة دمشق فإن خطورة العوالق الهوائية تكمن في كونها تخترق الدفاعات التنفسية محملة بالمواد السامة والمعادن الثقيلة كما أن ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت يؤثر على الجهاز التنفسي ويسبب التهاباً في القصبة الهوائية وضيق التنفس وتشنجا مفاجئا واختناقا كما يؤدي إلى التصلب الرئوي.

وأشاروا إلى أن غاز ثاني أكسيد النيتروجين ينتج عنه تهيج الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية والعينين وأضرار في الرئة كما يؤثر على الصحة النفسية والعصبية للإنسان ويسبب الضيق والقلق عند تجاوزه الحدود المسموحة وأن خطورة ارتفاع تركيز غاز أول أكسيد الكربون تتمثل في كونه يحرم الجسم من الحصول على الأكسجين نتيجة اتحاده مع هيموجلوبين الدم.

وتعتبر وسائل النقل المختلفة الأحجام والأشكال من أهم مسببات تلوث البيئة والغلاف الجوي المحيط بنا على حد سواء بما تنفثه عوادم هذه المركبات من دخان يحوي العشرات من المواد والغازات السامة التي تؤذي الإنسان كما تؤذي بقية الأحياء من نبات وحيوان وتشكل نسبة 60بالمئة من نسب التلوث وتأتي بعدها محطات توليد الطاقة الكهربائية 13بالمئة ثم الصناعة  بالمئة ثم التدفئة السكانية 6 بالمئة والنفايات 3 بالمئة وذلك حسب الأرقام الصادرة عن وزارتي الإدارة المحلية والدولة لشؤون البيئة.