بيروت - لبنان اليوم
ما هو مؤكد اقله حتى الساعة أن التحركات في الشارع لن تتوقف خاصة مع الانهيار المستمر لسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وانسداد افق الحل الاقتصادي والمالي في ظل فشل الحكومة الواضح في التصرف من موقع المسؤولية المنتجة والحازمة، وهذا بدا من حالة الانفصام التي حملها خطاب رئيس الحكومة حسان دياب الاخير، والذي حاول فيه رفع المسؤولية عن نفسه مما آلت اليه حال البلاد اليوم، في حين أنه مسؤول وشريك ايضًا فيها لمجرد قبوله تولي المهمة، مع علمه أن المرحلة تستلزم الخبرة والقدرة على صنع القرار والقدرة على التنفيذ، وايضا القدرة على ادارة الازمة على المستوى الداخلي والخارجي نظرا لدقة المرحلة وعدم وجود متسع من الوقت لتلافي الانهيار.
هذا بالاضافة الى أنه تناسى أن مفاتيح الفساد التي يلّوح بها ليست كل المفاتيح وهناك مفاتيح فساد أخرى جزء منها مشارك معه عبر ممثليهم في الحكومة وجزء آخر ممسك بقراراته، وبالتالي فإن الاستمرار في ذر الرماد في العيون بانتظار الفعالية المرتجاة من دون حلول جذرية عملية هو استنزاف مميت للبلد المريض.
في المقلب الآخر، دخان الاحداث الاخيرة التي شهدتها ساحات العاصمة بيروت وطرابلس تحديداَ والرسائل التي تحملها دفع ببعض القوى السياسية الى مراجعة اوراقها القديمة والاستفادة من تجاربها السابقة في اللعبة السياسية، لأن "البل" وصل الى "الذقن"، والضرورة قد تستلزم رد الضرر الاكبر بأقل ضرر، وهذا ربما يفسر حراك زعيم المختارة وليد جنبلاط الاخير على خط "بيت الوسط" وعين التينة، وايضا اللقاء الاخير الذي جمعه بالسفراء السعودي والاماراتي والكويتي وما رافقها من معطيات تناولت مساعي لتعبيد الطريق امام عودة الحريري الى الحكومة، الا أن مصادر تحدثت عن همس خارجي غربي جمد تقدم تلك المساعي خشية من تعويم "حزب الله"، الذي يرى أنه في وضع مأزوم حاليا وبحاجة الى حكومة تؤمن له غطاء لا تشوبه الرقع.
بالطبع تبقى دقة تلك المعطيات رهن ما ستخبئه الايام المقبلة من احداث وتطورات، سيما وان الاحداث الاخيرة التي حصلت في العاصمة بيروت تحديدا لم تكن بريئة وربما لن تكون الاخيرة، والمستفيدون من الفوضى تتوسع مروحتهم خاصة وأن الفوضى بشكل عام عندما تقع فلا يكون لها" أب ولا أم " والمنتظرون مطمئنون لذلك وهم كثر. الا أن الفوضى هذه المرة اذا وقعت فلن تكون كسابقاتها فهي، على ما يبدو، ستحمل شكلا مختلفا، كما لن تنحضر في مكان معين ولا توقيت محدد لها. ومن يراقب التحركات الدائرة في المناطق ويقرأ مسارها وعناوينها يعلم ان هناك تحضيرات جرى العمل عليها لمجموعات معينة بمهام معينة وفق اجندة محددة قد لا تكون ميدانية فقط، وانما يبدو انها ادارية وسياسية ايضا، ومن ضمن مهامها ربما مسك المناطق والتحكم بها تحت عناوين مختلفة لاسيما في المناطق ذات الخاصرة الرخوة اجتماعيا واقتصاديا وامنيا تحت مسميات مختلفة بشكل ربما يعيد بنا بالذاكرة الى مرحلة شبيهة بمرحلة استلام حافظ الاسد قيادة حزب البعث 1970 في سورية.
قد يهمك ايضا:حسان دياب يؤكّد أن لبنان يعاني من تعثر مالي وليس بلدا مفلسًا
أجواء محتدمة سادت جلسة الحكومة اللبنانية وسجال بين المجذوب وصفير