بيروت - لبنان اليوم
أكّد جوني منير أنّ الفوضى عمّت لبنان على كل المستويات: في الاقتصاد، في المال، في الشارع وحتى داخل السلطة. ما يجري واقع خطير لكنه نتيجة طبيعية وفق المعادلة العلمية التي تقول إنه كلما هزلت السلطة كلما تعاظمت الفوضى والعكس صحيح. ومعه بَدت الخيوط متشابكة ومتداخلة، بحيث لم يعد واضحاً الفصل بين الخيوط الخارجية والداخلية أو بعبارة أوضح الفصل بين الإيحاءات الخارجية والمشاريع المطروحة للمنطقة والرغبات الذاتية للأطراف الداخلية وفق حسابات تعزيز مواقعها والتقاط أوراق جديدة.
كان المشهد في غاية الغرابة بالنسبة للمراقبين أن يتقاطع الشبّان القادمون من الخندق الغميق في "تكسير" وإحراق وسط بيروت مع المجموعات الاخرى المتفرقة في طرابلس والطريق الجديدة والتي حرّكها بهاء الحريري، ما جعل الرسائل تختلط بعضها ببعض. وفي طرابلس ايضاً كانت المؤشرات جديدة في بعض جوانبها مع ظهور عناصر ومجموعات لم تظهر منذ 17 تشرين الماضي، والأهم تحريك مناطق استراتيجية في طرابلس مثل باب التبانة، وهو ما يحصل للمرة الاولى أيضاً منذ 17 تشرين. ولقراءة أسباب هذه الفوضى بهدوء لا بد من العودة إلى تظاهرة 6 حزيران التي رفعت خلالها مجموعتا بهاء الحريري وأشرف ريفي عناوين سياسية للمرة الأولى منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية وتتعلق بسلاح "حزب الله" والقرار 1559.
صحيح أنّ التظاهرة لم تكن حاشدة، لكنّ ردة الفعل جاءت قوية. وكان من المتوقع ان يتدحرج الوضع باتجاه مواجهات مذهبية في الطريق الجديدة وبربور، وتطورت باتجاه مواجهات طائفية في عين الرمانة والشياح.
بعض المراقبين قرأ في ردة الفعل المبالغ فيها للمجموعات الشيعية رسالة حزم الى الخارج تُنبّه لعدم اللعب بالنار. لكن هذه الرسالة كلفت المجموعة الشيعية أثماناً سلبية داخلية، ولو انها كسبت معها ورقة مهمة جداً وهي إقفال كل الثغرات المفتوحة داخل الساحة الشيعية منذ انطلاق الحراك الشعبي في الخريف الماضي.
لكن هذا المكسب المهم لم يستمر طويلاً، فأمام الجوع الذي يشتد مع ارتفاع سعر الدولار الاميركي، تحرّك الشارع الشيعي غير الحزبي من جديد يوم الخميس الماضي على وَقع ارتفاع جنوني للعملة الخضراء مترافقاً مع شائعات حول اسعار وهمية اتّهم مصرف لبنان بالترويج لها.
جاء التحرك العفوي للمتظاهرين في كل الساحات، بما فيها الساحة الشيعية، ليعيد استذكار الطوفان الشعبي الذي انفجر في 17 تشرين الأول. أعيد إقفال طريق المطار، وهو ما حصل خلال الايام الثلاثة الاولى فقط للانتفاضة الشعبية.تظاهرات الخميس الماضي حملت نتيجة واحدة وواضحة: الحراك الشعبي مستمر وهو لم يمت كما راهن البعض، وانّ الهوّة ما بين السلطة والناس أصبحت سحيقة.
قد يهمك ايضا:بعد المواجهات هكذا بدا المشهد في طرابلس صباح اليوم
احتراق كامل لفرع بنك لبنان والمهجر عند ساحة النور في طرابلس بعد اشعاله من الداخل من قبل المحتجين